14.25 مليار دولار.. ما معنى مصادقة الكونغرس على مساعدات لإسرائيل لأغراض الحرب؟

> «الأيام» القدس العربي:

> تحظى إسرائيل بمكانة أولى بين الدول التي تحصل على مساعدات أمنية من الولايات المتحدة، في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي. منذ إقامة الدولة في 1948 حولت الولايات المتحدة لإسرائيل في هذا الإطار أكثر من 130 مليار دولار. في العقود الأخيرة، تم تحديد مبلغ المساعدات في مذكرة تفاهمات بين الدولتين لعشر سنوات. تم التوقيع على الاتفاق الأخير في العام 2016 ودخل حيز التنفيذ في العام 2019، وسيبقى ساري المفعول حتى العام 2028. ستبلغ المساعدات السنوية في إطاره 3.8 مليار دولار، 500 مليون منها مخصصة للدفاع الجوي الناجع – القبة الحديدية ومقلاع داود ومنظومات أخرى.

في إطار اتفاق التفاهمات الحالي تحدد أيضاً أن بند التحويل (أو.اس.بي) سيقل بالتدريج من بداية العام 2023، وهو التحول الذي يعد في إطاره 26.3 في المئة من المساعدات السنوية، 815 مليون دولار، قابلة للتحويل إلى شواكل، أي أن جهاز الأمن في إسرائيل يمكنه شراء معدات أو خدمات إسرائيلية ثم يدفع لها بالشواكل التي هي استبدال للدولارات التي حصلت عليها من الولايات المتحدة. ربما يقل هذا البند بالتدريج سنوياً ويصل إلى الصفر في العام 2028. والمعدل المتوسط في العشر سنوات التي يكون فيها الاتفاق ساري المفعول هو 16 في المئة. معنى تقليص بند الاستبدال كبير وخطير إزاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية، بالأساس الصناعات المتوسطة والصغيرة، التي هي غير قادرة على فتح مصانع في أمريكا كي تسمح لنفسها بالاستفادة من ميزانية بالدولار.

المساعدات الخاصة في الحرب الحالية

بعد فترة قصيرة على بدء الحرب على القطاع، قدمت الإدارة الأمريكية للكونغرس اقتراحاً لمساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل بمبلغ غير مسبوق وهو 14.25 مليار دولار، أي أقل بقليل من المبلغ الذي كانت إسرائيل ستحصل عليه في أربع سنوات من المساعدات حسب الخطة العادية.

حتى كتابة هذه السطور، ما زال مشروع الاقتراح عالقاً في الكونغرس بسبب السياسة الداخلية. فالرئيس الأمريكي، بايدن، ربط زيادة المساعدات لإسرائيل بمبلغ أكبر مخصص لدعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا ولإقامة عائق ضد اختراق المهاجرين للولايات المتحدة ولمساعدة تايوان. المبلغ الإجمالي الذي طلب المصادقة عليه هو 106 مليارات دولار. معظم المبلغ المذكور لمساعدة أوكرانيا، وهو الأمر المختلف عليه بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وثمة مشكلة أخرى، وهي مصدر التمويل، فالحزب الجمهوري في الكونغرس يريد أن يأتي من خلال تقليص ميزانية سلطة ضريبة الدخل. المساعدات لإسرائيل متفق عليها بين جانبي الخارطة السياسية الأمريكية، لكن الرئيس الأمريكي غير مستعد للمصادقة عليها بشكل منفصل. لذا، لم يصادق مجلس النواب حتى الآن على هذه المساعدات، وهي غير متاحة لإسرائيل.

في المقابل، أصبحت وزارة المالية تضمن المبالغ المخصصة في كلفة تمويل الحرب وميزانية العام 2024. ويشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أعلن في 30 كانون الأول 2023 عن تحويل مساعدات لإسرائيل، الأمر الذي يمكن فعله بدون مصادقة الكونغرس (هذه هي المرة الثانية التي يصادق فيها على المساعدات، الأولى في 9 كانون الأول). من غير الواضح إذا كان هذا المبلغ سيتم شمله في نهاية المطاف في مبلغ المساعدات الإجمالية التي ستتم المصادقة عليها.

على فرض أنه سيتم حل الاختلاف الأمريكي الداخلي في نهاية المطاف، ستتم المصادقة على رزمة المساعدات لإسرائيل، فمن الجدير استعراض تفاصيل البنود المشمولة في هذا الاقتراح لفهم ما يمكن حقاً لجهاز الأمن أن يستنتجه من ذلك فعلياً، سواء في تمويل الحرب أو في النظر إلى الأمام. هذا في إطار الإعداد لميزانية العام 2024 الذي قد يكون سنة حرب، وبنظرة إلى المستقبل.

توضيحات وملاحظات للبنود المختلفة (كل الاقتباسات هي من داخل وحسب مشروع القانون الذي تم تقديمه للكونغرس).

البند أ – وهو مخصص بالأساس لاستكمال نواقص في القبة الحديدية و”مقلاع داود” و”الحيتس”، وزيادة احتياطي القذائف الاعتراضية لدى إسرائيل أمام خطر توسع واستمرار المواجهات. لا يوجد تفصيل لاستخدام محدد في مشروع القانون. ولكن الحديث يدور عن مبلغ بثمانية أضعاف عن المبلغ السنوي المخصص لهذا البند. لذلك، قد لا يستخدم فقط لزيادة مخزون القذائف الاعتراضية، بل أيضاً لبطاريات أخرى. يجب التذكر بأن الرئيس بايدن قد حول لإسرائيل مليار دولار إضافة إلى المبلغ المنصوص عليه في اتفاق المساعدات بعد عملية “حارس الأسوار” في العام 2021.

القذائف الاعتراضية المخصصة للقبة الحديدية يتم إنتاجها في إسرائيل أو الولايات المتحدة، حيث تم نقل جزء من الإنتاج إلى هناك بطلب من أمريكا. لا يوجد تفصيل حول مكان إنفاق المبالغ في مشروع القانون نفسه، وربما يحتاج الأمر إلى اتفاق منفصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول هذا الشأن.

البند ب – حسب مشروع القانون، يدور الحديث عن شراء عتاد للجيش. وربما القصد سلاح القوات البرية الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي بنطاق واسع في القتال الحالي. ليس واضحاً وفقاً لمشروع القانون ما إذا كان المبلغ يغطي تكلفة السلاح الذي أرسل لإسرائيل في إطار “القطار الجوي”، الذي أرسلته الادارة من الأيام الأولى للقتال. ولكن الواضح أن هذا القطار سيقدم لإسرائيل مبلغاً مهماً، 3 مليارات شيكل، لتجديد المخزون أثناء القتال وبعده. هذا إضافة إلى “التخزين المسبق” الأمريكي الذي يسمح لإسرائيل باستخدامه في حالة الطوارئ حسب اتفاق بين الدولتين، تشير إليه المادة 8.

الأمر نفسه بخصوص البند ج بالنسبة لسلاح البحرية، والبند د بالنسبة لسلاح الجو.

البند هـ – هذا فعلياً يعد مضاعفة لمرة واحدة بالنسبة للمساعدات العادية، 3.8 مليار دولار في السنة. يجب التذكر بأن هذه الميزانية تستخدم بالأساس لشراء ما يسمى بـ “معدات أساسية”، مثل طائرات إف35 أو الطائرات المروحية المخصصة للنقل، التي وقعت إسرائيل على صفقة لشرائها مع شركة “بوينغ” كي تستبدل الطائرات المروحية “يسعور” المتقادمة.

هذه الميزانية قد تمول المشتريات النابعة من دروس الحرب، مثل زيادة عدد الطائرات المروحية القتالية أو أنظمة الدفاع النشطة (هذه أمثلة للتوضيح، كُتاب المقال لا يعرفون عن القرارات المتخذة بالفعل). وبنظرة أخرى، يمكن رؤية زيادة لحجم المساعدات العادية في هذا المبلغ، من 33 مليار دولار في الأعوام 2019 – 2023، إلى 36.5 مليار دولار.
كتب في مشروع القانون بشكل صريح أنه باستطاعة إسرائيل استخدام الـ 3.5 مليار دولار الإضافية لشراء معدات وخدمات أمنية في إسرائيل. والمعنى زيادة واضحة على المبلغ القابل للاستبدال بالشواكل، الذي يساوي أربع سنوات من الاستبدال في الخطة الأصلية – أو ثلثي إجمالي بند الاستبدال على طول اتفاق المساعدات الحالي.
الحديث يدور عن 12 مليار شيكل حسب سعر الصرف الحالي – التي حسب صيغة القانون سيكون بالإمكان إنفاقها في إسرائيل في السنوات القريبة القادمة – الأمر الذي يتضمن معاني كثيرة لدى وزارة الدفاع والصناعات الأمنية الإسرائيلية، خصوصاً الصناعات المتوسطة والصغيرة. مع ذلك، أظهرت الولايات المتحدة حساسية كبيرة للاستخدام الذي تقوم به إسرائيل لأموال الاستبدال، لأن المساعدات استهدفت تعزيز أمن إسرائيل وليس تعزيز الصناعات الإسرائيلية. بهذا يحتاج الأمر إلى حذر وتنسيق حول استخدام هذه الأموال.

البندان “و” و”ز” – ميزانية منفصلة لتطوير منظومة “الشعاع الحديدي” للحماية من سلاح الليزر شديد الانحدار وقصير المدى، التي تنقسم لأسباب أمريكية داخلية إلى بندين. يجب التذكر بأن منظومة “الشعاع الحديدي” لم تدخل إلى حيز التنفيذ بعد. ورغم الإنجازات العلمية المسجلة خلال تطويرها في شركة “رفائيل”، فإن هناك خلافات حول تفضيلها على بدائل أخرى للحماية من الصواريخ والقذائف.

البند ح – جاء في مشروع القانون أن هذه الإضافة من أجل “عمليات وصيانة، لمجال الدفاع كله”، رداً على أي هجوم ضد إسرائيل. وكتب أيضاً بأنه سيستخدم لتجديد مخزون وزارة الدفاع وتمويل خدمات قدمت لإسرائيل. ولا يفصل البند أكثر من ذلك.

يمكن الافتراض أن الأمر يتعلق بتجديد “التخزين المسبق” لدى إسرائيل (بالأساس قذائف للمدافع والدبابات)، الذي انخفض حتى قبل 7 تشرين الأول بسبب الحرب في أوكرانيا.

حسب ما نشر في أيار 2023 نقل الأمريكيون في تلك السنة حوالي ألف حاوية من المعدات العسكرية من إسرائيل، منها مئات آلاف قذائف المدفعية (155ملم).

من المرجح أن يستخدم الجيش الإسرائيلي ما تبقى في القتال الحالي. ولكن لأن البند يتحدث عن إضافة لميزانية الدفاع الأمريكية وليس عن مساعدات لدول أجنبية (مثلما في البند هـ)، نفهم أن القرار حول كم من الميزانية سيحول فعلياً إلى إسرائيل، موجود في يد البنتاغون.

البند ط – هذه الميزانية غير مخصصة لمساعدة إسرائيل، بل لتمويل نفقات وزارة الخارجية التي تنبع عن الحرب في الشرق الأوسط، مثل إخلاء مدنيين أمريكيين من مناطق القتال.

إضافة إلى ذلك، يجب التذكير بأنه حسب جزء المساعدات الذي يستخدم في أمريكا، فإن وزارة المالية تجبي ضريبة القيمة المضافة، 17 في المئة، التي تدفع من ميزانية الدفاع “الصافية”، أي ميزانية بالشيكل من خزينة الدولة. مثلاً، عن المشتريات في الولايات المتحدة بمليار دولار، سيحول 600 مليون شيكل تقريباً من ميزانية الدفاع لوزارة المالية (حسب سعر الصرف 3.7 شيكل للدولار)، وستدفعها ميزانية الدفاع، لكنها لا “تخلق” الأمن. ما يعني أنه وعن نفس الجزء من المساعدات الخاصة التي يدور الحديث عنها، والتي ستستخدم في الولايات المتحدة لشراء القذائف الاعتراضية أو عتاد لسلاح الجو أو أشياء أساسية يتم إنتاجها هناك، ستجبى ضريبة القيمة المضافة التي ستقلص الميزانية بالشيكل، المتاحة أمام منظومة الدفاع لاستخدامات أخرى، إلا إذا تم الاتفاق خلافاً لذلك بين وزارة المالية (خزينة الدولة) ومنظومة الأمن.

الخلاصة

مشروع القانون حول مساعدات خاصة لإسرائيل، الذي لم يصادق عليها الكونغرس بعد رغم تأييد طرفي الخارطة السياسية الأمريكية، سيمنح إسرائيل جزءاً كبيراً من تكلفة الحرب الحالية. 4.85 مليار دولار مخصصة لهذا الأمر مباشرة (البنود من أ وحتى د)، ومبلغ 4. 4 مليار دولار التي تم تفصيلها في البند ح، موجود في يد وزارة الدفاع الأمريكية، التي يمكنها تحويله إلى إسرائيل لتمويل تجديد احتياطي السلاح للقوات البرية والاحتياجات الجارية الأخرى. بدون الدخول هنا إلى تحليل نفقات الحرب الفعلية، فالحديث يدور فقط، من أجل المقارنة، عن مبلغ أكبر بخمسة أضعاف من تكلفة تجديد الاحتياط بعد 51 يوماً في عملية “الجرف الصامد”، التي تحددت بعد المفاوضات بين وزارتي المالية والدفاع بمبلغ 7 مليارات شيكل.

عوفر شيلح وهداس شبتاي
نظرة عليا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى