​فريدمان: أولًا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل

>
يحاول الكاتب الأمريكي المعروف توماس فريدمان الاختباء خلف عبارات فضفاضة "ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب" لكي يخفي تعصبه الشديد للنظام الصهيوني في إسرائيل، ولعل في لقاء مع صحيفة "عُمان" العُمانية ما يوضح عمق ولائه لإسرائيل والدفاع عنها رغم كل جرائم الإبادة التي ترتكبها ضد الفلسطينيين قبل 7 أكتوبر 2023 وبعدها.

سأله المحاور (تحدثت في المحاضرة عن أن البشرية تخلصت في عام 1945 ممن كان يمكن أن يبيد نصف البشرية، لكن ألا ترى أن إسرائيل تمارس اليوم فعلًا مشابهًا عندما تحاصر غزة وتجوعها؟ أليس عمق الفكرة واحدًا؟  
فجاء رد فريدمان (الأمر مختلف كثيرًا، لا لا، ثم إن المسألة معقدة جدًا، سأقول لك أمرًا، يمكن أن نقضي كل الوقت المخصص لهذا المقابلة دون أن نصل إلى نتيجة. أعتقد أن علينا تجاوز هذا الأمر، نظرت في عينيه وكأنها تقول: لن أستطيع أن أكمل في هذا السياق).

فريدمان يمثل ببراعة دور المبشر بفوائد "التطبيع" مع إسرائيل وما سيجنيه العرب من المكاسب، إنما الواقع الذي لا يخفيه هو أن المستفيد الأكبر هو ذلك الكيان الذي يخدمه بالتركيز على أن العدو الحقيقي للعرب هي إيران وليست إسرائيل، وهو في هذا المسار يستغل سوء السياسات الإيرانية في المنطقة وعبثها، وفي المقابل يحاول إظهار أن أي حكومة أقل دموية وإجرامًا في تل أبيب (بغض النظر عن موقفه من نتنياهو)، ستكون حاضرة للدفاع عن أي قطر عربي عندما يُطلب منها ذلك شريطة أن يكون العدو هو طهران فقط.

يتجول الكاتب الأمريكي فريدمان في المنطقة، وتُفتح له الأبواب، وينصت إليه الكثيرون بإعجاب ووله، ويبقى هدفه الوحيد إبقاء جذوة التطبيع مشتعلة.. ويستمر في بث مزاعم حرصه على الفلسطينيين "المعتدلين"، ويرى أن في تل أبيب قوى تحب السلام وترغب في التعايش مع العرب في اللحظة التي يواصل جيشها حرب إبادة مفتوحة ليس فقط في غزة. ولكن أيضًا بجوار وأمام وخلف منازل مسؤولي السلطة الفلسطينية الذين وقعوا اتفاق أوسلو، وفي كل مناطق الضفة الغربية.

وفي مقاله الأخير على صفحات النيويورك تايمز قال إن على إسرائيل أن تختار بين (رفح أو الرياض) بعد أن سمع كلامًا واضحًا من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن "التطبيع" مرتبط كلية بوقف الإبادة في غزة وقيام دولة فلسطينية، وفريدمان يمنح بصلف لنفسه حرية تفسير الحديث علـي غير ما تفصح عنه سياسة الرياض المعلنة، لأن الأمر ليس مفاضلة، ولكنه أمر بديهي لا يحتاج إلى تأويلات تسوقه إلى غير موضعه الإنساني.

ما ينكره فريدمان ليل نهار هو أن إسرائيل دولة لا يمكن أن تعيش في حال سلام مع جيرانها إلا إذا ضمنت ضعفهم وعجزهم وتمزقهم، وفي تجربة أوسلو ما يكفي لأخذ العبر، والعرب تقول (الغبي من اعتبر بنفسه).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى