مؤتمر صحفي حول أزمة المياه بالضالع وتأثيراتها على النساء والفتيات

> عدن "الأيام" عبدالقادر باراس:

> نظّم مركز "سوث 24 للأخبار والدراسات" بالعاصمة عدن، مؤتمر صحفي حول أزمة المياه في محافظة الضالع وتأثيراتها الممتدة على النساء والفتيات "دراسة حالة مديريتا الأزارق والحصين" ويأتي هذا المؤتمر لإشهار دراسة معمقة عمل عليها فريق من المركز على مدى أشهر ضمن مشروع مولته منظمة Urgent Action Fund الأمريكية.

وفي بداية المؤتمر الصحفي الذي حضره، وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي، ورئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي د. صالح الحاح، وعدد من ممثلي المنظمات المحلية والدولية ومراسلي القنوات والصحف والمواقع الإخبارية، تحدث يعقوب السفياني مدير المكتب الإقليمي لمركز "سوث 24 للأخبار والدراسات" كلمة المركز، مسلطًا الضوء على المأساة الإنسانية المنسية في محافظة الضالع، والتي لها امتدادات صحية واجتماعية وامنية متشعبة ولكنها ملتحمة في صياغة واقع المعاناة والحرمان، ومخاوف الحاضر والمستقبل على مجتمعات محلية تعيش على الهامش، وتبحث عن الكفاف في أبسط وأهم متطلبات الحياة (المياه النظيفة الصالحة للشرب والاستهلاك).

كما أشار إلى نزول فريق ميداني من المركز إلى مديريتي الأزارق والحصين بالضالع لمدة أسبوعين للاطلاع على واقع المعاناة والجوانب الصحية والاجتماعية، بالقول: "ومن خلال كمية من البيانات والمعلومات التي تمت معالجتها منذ مطلع العام الجاري تضمنت لقاءات مع شريحة من النساء والفتيات والرجال في المديريتين (100 شخص تقريبًا)، وبالإضافة للمسؤولين الحكوميين ذات العلاقة في المحافظة ومختصين وشخصيات اجتماعية وقبلية، وإحصاءات بالأمراض الناتجة عن المياه الملوثة بالفلورايد بشكل خاص والملوثة بشكل عام، وتكشف لنا حجم أزمة المياه المتزايدة بمرور الوقت. حيث تتجاوز أزمة المياه في محافظة الضالع لاسيما في مديريتي الحصين والأزارق الأبعاد التقليدية لأزمات المياه في أي مكان آخر، إنها أزمة مائية وصحية واجتماعية ووجودية في ذات الوقت بالنسبة لمجتمعات محلية مُهملة تعيش ظروفا بالغة الصعوبة. تتحمل النساء والفتيات النصيب الأكبر من المعاناة، فهن المسؤولات، وفق العرف وبسبب الظروف الاجتماعية القاسية عن جلب المياه من مسافات شاسعة، غالبًا ما تنتهي رحلة الساعات المحفوفة بالمخاطر على ظهر الحيوانات، أو على الأقدام، وبالظفر بلترات من المياه الملوثة".

واستعرض السفياني، في حديثه، مخاطر الأزمة التي تواجهها مديرية الحصين، وتحولها من أزمة المياه إلى تهديد وجودي وتعرض أجيال كاملة لتشوه العظام وتقوسها، وتسوس الأسنان، بسبب شرب المياه الملوثة بنسب عالية من الفلورايد. مضيفًا: "يستخرج السكان هذه المياه من الآبار الجوفية المحفورة على أعماق وصلت إلى 1100 متر، إذ يقول السكان إن لا خيار لهم بعد أن تخلت عنهم الدولة، لكن المشكلة تتفاقم مع مرور الوقت مما ينذر بمستقبل قاتم إذا غابت الحلول. ورحلة البحث عن المياه في الضالع ليست مرهقة فحسب، بل إنها مميتة إذ تسقط كثير من الفتيات لاسيما صغيرات السن منهن في الآبار عند جلب المياه، كما أن وعورة الطرقات والمنحدرات تمثل تحديات يومية يجب خوضها للحصول على المياه، إلى جانب ذلك تحرم الكثير من الفتيات من الدراسة نتيجة لأزمة المياه التي تعد العامل الرئيسي وراء التسرب من التعليم والزواج المبكر، في المحصلة تمتد المشكلات الاجتماعية على مستوى الأسرة الصغيرة وحتى إلى نزاع بين العشائر والقبائل".

وختم السفياني، حديثه بالقول: "يضاعف غياب الدولة والتدخلات الخارجية من المشكلة، لكن حتى ذلك الاهتمام المحدود الذي قدمته الحكومة المركزية لمشاريع المياه في الضالع تثار حوله الشبهات، يقول المسؤولون والسكان إنها حرمت من المشاريع لأسباب سياسية تتعلق بدورها السياسي كمعقل للحركة التحريرية في جنوب اليمن. تظهر الأرقام أن المديريات الشمالية التي ضمت إليها بعد عام 1990م عند إعلان الوحدة اليمنية في حال أفضل نتيجة مشاريع الحواجز، لكن هذا الإهمال ما زال مستمرًا حتى اليوم رغم تغير الواقع السياسي في اليمن وصعود القوى الجنوبية. وانطلاقًا من إيماننا بأن غياب التغطية الإعلامية، وعدم توفر الدراسات المتخصصة التي تناقش هذه الأزمة، وهي عوامل رئيسية في ضعف الانتباه المحلي والدولي، وهو ما نسعى اليوم ومن خلال هذا المؤتمر الصحفي لمجابهة ونشر القضية على أوسع نطاق ممكن، كما نأمل في الوقت ذاته أن تضغط هذه التغطية وهذا التركيز على الحكومة المركزية إلى القيام بواجبها في معالجة أو الإسهام بتخفيف المعاناة".

وفي المؤتمر الصحفي تحدثت الأستاذة ياسمين حميد، رئيسة دائرة المرأة والطفل في المجلس الانتقالي الجنوبي، قائلة: "حقيقة نشكر مركز سوث 24 للأخبار والدراسات لإجراء هذه الدراسة التي سلطت الضوء على مشكلة تعاني منها البلاد بشكل عام والضالع بشكل خاص، لان الضالع هي جغرافيا منطقة جبلية تعاني من شحة المياه وأمطارها موسمية ولهذا كميات المياه المتوفرة في هذه المحافظة قليلة جدا نتيجة لعدم قيام الدولة بواجباتها لهذه المحافظة سواءُ كان من خلال حفر الآبار الجوفية أو إنشاء السدود والحواجز المائية، بحيث يستطيع المواطن ان يستفيد منها في الأيام التي تكون فيها الأمطار قليلة الهطول، اضافة يقع عاتق المرأة والفتاة في هذه المحافظة توفير المياه اللازمة للأسرة".

واستعرضت في كلمتها ما تواجهه النساء والفتيات النسبة الأكبر من تأثيرات وتداعيات هذه الازمة الآثار وما ينتج من المياه الملوثة من أمراض وتعرضهن للأخطار والاجهاض وآثار جانبية منها الآثار النفسية وهن في مهمة جلب المياه من الآبار.

وطالبت الدولة القيام بواجباتها نحو الضالع التي ظلت على مدى تسع سنوات وهي تحارب من أجل بقاء الشرعية والمحافظة على كيان الدولة، كما طالبت من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق المرأة وحقوق الطفل ومجال تنمية الأسرة على مستوى المجتمعات بأن تكون هناك أرضية مشتركة لمساعدة مواطني المحافظة في انشاء السدود وحفر الآبار الجوفية وحواجز المياه، باعتبار المحافظة منطقة جبلية وهناك إمكانية من بناء سدود كبيرة جدا، وحواجز لحفظ المياه.

وختمت حديثها "متمنيًا من الجميع أن يدرك كل من لديه سلطة أو كلمة أو شيء يقدمه لهذه المحافظة لأنها بحق تستحق أن يتوجه الجميع لوضع معالجة سريعة لإسعافها لتوفير المياه ومن ثم العمل على إيجاد حل مستدام لحل مشكلة المياه بشكل مستمر بمحافظة الضالع".

وقدم د. محمد عبدالله مثنى، مدير مكتب الصحة والسكان بمديرية الحصين بالضالع، حول هذه الأزمة مداخلته للمشكلة الصحية، قائلا: "لا زال أبناء مديرية الحصين يعانون كثيرا منذ بداية ظهور هذه المشكلة الصحية في عام 2016م وتفاقمها في عام 2017م نتيجة لزيادة الحفر العشوائي للآبار الجوفية وبأعماق سبعمائة متر حتى وصل الآن لعمق يزيد عن الألف متر وهذا ما سبب تراكم الصخور الرسوبية التي تحتوي على الفلوريد بنسبة عالية جدا في مياه الآبار الجوفية المستخدمة للشرب، الأمر الذي أدى إلى تحول القرى مثل قرية مرفد وخوبر إلى قرى منكوبة بسبب ارتفاع عدد الحالات المصابة فيها بمرض الكساح أدى إلى تشوهات وإعاقة عن الحركة وتشوهات في الأسنان نتيجة لتأكلها وتنخرها وظهور حالات كثيرة مصابة بهشاشة العظام وعلى أثر ذلك قام مكتب الصحة بالمديرية باتخاذ العديد من الإجراءات".

وأضاف: "إن هذه المشكلة التي أردت أن أوضحها لكم والمتعلقة بارتفاع نسبة الفلوريد في مياه الشرب وما يترتب عليها من آثار وأضرار صحية واجتماعية كبيرة فتكت بفئات كثيرة من المجتمع في مديرية الحصين. حيث لم تقتصر على الاضرار الجسمانية من تشوهات وإعاقة عن الحركة وتشوه للأسنان نتيجة لتسوسها وتآكلها، بل الأمر تعدت آثاره وأضراره إلى الجوانب النفسية للأشخاص المصابين خصوصا الفتيات اللاتي حرم الكثير منهن من الزواج وعدم قدرتهن على ممارسة الحياة بصورة طبيعية وشعورهن بأنهن أصبحت عالة على أسرهن ومجتمعهن بسبب أصابتهن بهذه الامراض التي كان سببها الارتفاع المفرط لنسبة الفلوريد في مياه الشرب".

وتطرق د. مثنى، بمزيد من التفاصيل والأرقام عن خطر هذه المشكلة وتفاقمها، ومأساة المياه المستخرجة من الآبار الجوفية الملوثة بنسب عالية دون أي اهتمام أو مبالاة من قبل أي جهة، الأمر الذي قد ينذر بكارثة صحي واجتماعية كبيرة جدا لا يمكن السيطرة عليها.

وختم قوله: "إننا نعلق آمالًا كبيرة في هذا المؤتمر على الإعلاميين الحاضرين في المؤتمر أولا في عرض هذه المشكلة وتناولها في المنتديات والورش وجميع وسائل التواصل الاجتماعي للفت أنظار الجهات الحكومية وغير الحكومية عن الاخطار والآثار المترتبة عن هذه المشكلة التي تم مشاهدة اضرارها الصحية في الفيديو الذي عُرض أمامكم. وثانيا نعول على الحضور من الجهات الحكومية ومن منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية للتدخل العاجل لعمل المقدور عليه لإنقاذ الأرواح البريئة من الأطفال والنساء وقطع دابر هذه المشكلة التي يترتب عليها آثار صحية واجتماعية جسيمة بشكل مخيف بسبب زيادة ارتفاع نسبة مادة الفلوريد في مياه الشرب في مديرية الحصين".

وحذر "مركز سوث 24 " من تأثيرات وتداعيات أزمة المياه في الضالع على السكان المحليين، وبالأخص النساء والفتيات، وامتداداتها الوخيمة لاسيما في الجانب الصحي المتمثل بالتشوهات العظمية في مديرية الحصين ومناطق أخرى، وانتشار أمراض حصوات الكلية، وحالات الوفاة في صفوف الفتيات والنساء جراء السقوط في الآبار ومن المنحدرات في الرحلة المضنية للبحث عن المياه. مؤكدا بأن أزمة المياه في محافظة الضالع هي مأساة إنسانية متكاملة الأركان، تهدد بتعميق النزاعات المحلية المسلحة على موارد المياه على المدى القريب المنظور، وزيادة الكلفة الإنسانية التي تتحمل النساء والفتيات النسبة الأكبر منها ويشمل ذلك الحرمان من التعليم والزواج المبكر والمشاكل الاجتماعية والاسرية المرتبطة بشكل وثيق بهذه الازمة.

وشدد المركز على ان أزمة المياه في الضالع تتضاعف مع مرور الوقت في ظل التزايد المطرد في اعتماد السكان على المياه الجوفية، وغياب الحلول المستدامة لتوفير المياه، وثقافة الترشيد في الاستهلاك، والأساليب الناجعة لحصاد مياه السيول والامطار، وبالتزامن مع المتغيرات المناخية وتناقص كميات الامطار على البلاد والمنطقة بشكل عام، مقابل ثبات مستوى الإهمال الحكومي وتناقص التدخلات الإنسانية الخارجية على كل المستويات.

ودعا المركز في بيانه الحكومة ومنظمات الأمم المتحدة وشركائها المحليين إلى التدخل العاجل للتعامل مع ازمة المياه في محافظة الضالع على كل المستويات، وحماية السكان وبالأخص النساء والفتيات من التداعيات الوخيمة لهذه الأزمة.

كما دعا كل وسائل الإعلام إلى تغطية القضية وحشد الانتباه والمناصرة لهذه القضية الإنسانية، ودعا كل مراكز الدراسات والأبحاث والجامعات اليمنية والدولية لوضع دراسات واوراق بحثية تناقش الازمة والحلول الممكنة لها.

وأوصى المركز منظمات المجتمع المدني المحلية بتخصيص جزء من البرامج لأزمة المياه، ونشر الوعي حول الحصول على مياه آمنة وصرف صحي، وتبني حملات توعية على وسائل التواصل الاجتماعي لحث على ترشيد استهلاك المياه، كما أوصى الحكومة المعترف بها دوليا بتخصيص ميزانية لمشاريع مياه مستدامة، وإجراء مسوحات للبحث عن مصادر جديدة للمياه، ومعالجة مشكلة الفلورايد، وبسن قوانين لحماية الموارد المائية ومنع هدرها وتلويتها، وإشراك المرأة في صنع القرار المتعلق بإدارة المياه لضمان مراعاة احتياجاتها وتأثيرها على السياسات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى