​محسن بن فريد.. رحيل شخصية استثنائية

>
فقد الجنوب العربي رمزًا من الرموز الوطنية، عاصر الحركة الوطنية منذ صباه، كان شخصية استثنائية يمتلك جسارة وشجاعة ومواجهة الأخطار بعقل وحكمة وتخطيط، رحل الرجل الودود المبتسم النقي، وافته المنية مساء سبت 25 شوال 1445هـ الموافق 4 مايو 2024م في ‏القاهرة.

بعد مرض عضال، ففقد الجنوب العربي رمزًا من الرموز الوطنية التي تترك مواقعها شاغرة، ليس لأن البديل غير موجود، لكن لما تتحلى به من صفات فردية تتميز بها عمن سواها، رمزًا سياسيًّا ووطنيًّا ظل منتميًّا ومنافحًا عن هوية الجنوب العربي منذ نعومة أظفاره، سُجِن ونفي وما ازداد إلا قناعة بأن ما يؤمن به حقًا راسخًا في الجنوب، سليل أسرة ليست مغمورة في قبائل العوالق، ولا في محافظة شبوة بل خارج الجنوب، انتمى لمدرسة سياسية مارست العمل السياسي بصدق وبمكونات واقعها، إذ استوعبت تاريخ المنطقة وانقساماتها، وأن للتاريخ وفيه عبر للاتعاظ، وأن ما بنته المزايدات، ينفيه التاريخ، فيثمر وعيًا مزورًا وقتلًا وخرابًا وفشلًا وهكذا آل حال الجنوب العربي مع اليمننة!، مدرسة ما زايدت وما ألهبت المشاعر بل رسمت الصورة الحقيقة لواقعها، واضحة للجميع، وكان سوء قدرها بين أنانية الانقسامات الجنوبية، وشعبوية الشعارات العروبية واليسارية، فظُلِمت وظُلِم روادها ومنهم الفقيد الأستاذ محسن بن محمد بن فريد، مدرسة حذّرت الجنوبيين من اليمننة وأن الجنوب العربي هوية مميزة، ووطنًا مميزًا تاريخًا وتجربة حكم، فنالوا المحاربة والتخوين والسجن والإبعاد، وعزاؤهم أن ما أمنوا به منذ أكثر من سبعة عقود يؤمن به اليوم الأغلب الأعم من 
الجنوبيين للفكاك من اليمننة وشرورها.

عرفته في تسعينات القرن الماضي صادقًا ‏وأمينًا وشجاعًا يكتنز عزة نفس وحبًا للجميع، وكل من عرفه خلال مسيرته عرف رجلًا سهل الخليقة وممتنعًا عصي الاحتواء، فهو مؤدب في خلافه واختلافه وفي طرحه ومحاوراته حتى يُظن أنه سهل الاحتواء لكن سهولة خُلُقه وفرط أدبه تحتوي قوة موقف وثبات عزيمة في الالتزام بثوابت ما يؤمن به.

رحل الرجل الخلوق المتواضع مع الجميع، فارق الحياة والمنطقة تعيش أسوأ حالاتها السياسية، والجنوب العربي الذي آمن به جزءًا من المنطقة يتأثر بالكثير ويؤثر بما يستطيع وإن قلّ رغم أنه مثخن بالجروح السياسية والعسكرية والإرهابية.
كل من عرف محسن بن محمد خلال مسيرته عرف مدرسة السهل الممتنع، راقيًا ببساطته، قويًا بسيف منطقه لا بسيف القبيلة وعنترياتها، مؤدبًا في خلافه واختلافه قويًّا وصادقًا في الالتزام بثوابت ما يؤمن به.
ندعو الله له بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
إنا لله وإنا لله راجعون

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى