الفساد داخل الجيش الصومالي يعيق إستراتيجيات مكافحة الإرهاب ويشكك الحلفاء

> ​مقديشو "الأيام" العرب اللندنية:

> يعكس تعليق الولايات المتحدة إمدادات حصص الإعاشة إلى قوات النخبة الصومالية (داناب) التي دربتها في إطار شراكتها مع مقديشو في مواجهة الإرهاب، بعد أن أبلغت القوات الصومالية أن بعض أعضائها يسرقون حصص الإعاشة ويعيدون بيعها، حجم الفساد المستشري داخل القوات الصومالية والذي يزيد تشكك الحلفاء في إستراتيجيات مكافحة الإرهاب.

وأشار مصدر داخل الجيش الوطني الصومالي في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أن الولايات المتحدة قد تفكر أيضًا في وقف دعم الوقود لوحدة داناب في انتظار إجراء المزيد من التحقيقات في مدى الفساد. ويوجه تعليق المساعدات الأميركية ضربة قوية لداناب التي اعتمدت بشكل كبير على الدعم الأميركي لتنفيذ عملياتها ضد حركة الشباب الإرهابية، في الوقت الذي قطعت فيه حركة الشباب الإرهابية طرق الإمداد بين وسط البلاد وجنوبها.

وهذه ليست المرة الأولى التي يحقق فيها الجيش الصومالي في مزاعم فساد ولكن في كل مرة لا تظهر نتائج التحقيقات إلى العلن. وعلقت واشنطن بعض المساعدات العسكرية للصومال في عام 2017 بعد أن تقاعس الجيش في تقديم تقارير حول استخدامه إمدادات الغذاء والوقود.

واعترفت الحكومة الصومالية بأن الحصص الغذائية المخصصة لقوات النخبة التي تقوم الولايات المتحدة بتدريبها ودعمها قد تم تحويلها. وقالت وزارة الدفاع الصومالية في بيان إنها أجرت تحقيقا أدى إلى إيقاف واحتجاز ضباط، ولكن لم يتم الكشف عن عدد وهوية الضباط الموقوفين والمحتجزين.

وجاء في البيان أن “القوات المسلحة الوطنية الصومالية عززت خلال السنوات القليلة الماضية إجراءات المساءلة بما يتماشى مع أجندتها الإصلاحية”. ولم تعلن الحكومة الصومالية متى حدث التحويل ونوع الحصص الغذائية التي تم تحويلها، لكنها قالت إنها “أخطرت أصحاب المصلحة بالحادث وستشارك نتائج هذه التحقيقات في الوقت المناسب”.

ويأتي اعتراف وزارة الدفاع الصومالية في أعقاب المخاوف التي أعربت عنها الإدارة الأميركية في السابق بشأن تحويل المعدات المخصصة للجيش، والتي قيل إنها بيعت أيضًا في السوق المفتوحة. وذكرت وسائل إعلام محلية أن قرار تعليق الحصص الغذائية في داناب تم إبلاغه إلى عبدالفتاح قاسم، نائب وزير الدفاع، وإلى قائد القوات المسلحة إبراهيم شيخ محي الدين، في السفارة الأميركية في نيروبي.

وبحسب المصادر التي نقلت عنها بوابة “هورن أوبزرفر”، فإن بعض أفراد عائلة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود متورطون أيضاً في الفضيحة، بعد حصولهم على عقود توريد الغذاء والوقود لوحدة داناب، ليقوموا بعد ذلك بتحويل مسارها.

وتتعلق الفضيحة على وجه الخصوص بشركة مرتبطة بإحدى زوجات الرئيس وابن عمه وابن أخيه. وتضاف الفضيحة أيضًا إلى سلسلة المشاكل الأخيرة التي ظهرت للحكومة الصومالية على الصعيد الأمني، بما في ذلك إقالة مدير وكالة الاستخبارات الوطنية (نيسا) مهاد محمد صلاد، الذي أعفي من منصبه بسبب اتهامات الفساد المستشري داخل الوكالة.

وقبل إقالته تم الإبلاغ عن اختفاء كمية كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمركبات المدرعة والنقود من مقر نيسا في مقديشو. وبحسب المصادر ذاتها فإن هذه الأسلحة والمركبات المسروقة تم نقلها إلى مدينة جوريسيل وسط الصومال، حيث أسس صلاد ميليشيا من العشائر الخاصة.

وتعد داناب أيضًا واحدة من أكثر الوحدات العسكرية فاعلية في الصومال. ويتولى المقاولون الأميركيون مسؤولية اختيار المجندين، وقد جعلت المعايير الصارمة المجموعة أكثر فاعلية مقارنة بالوحدات الصومالية الأخرى.

وشاركت وحدة داناب بشكل كبير في الهجوم العسكري الذي شنه الجيش الصومالي والعشائر المتحالفة معه منذ عام 2022 والذي نجح في البداية في استعادة مساحات واسعة من الأراضي التي سيطرت عليها حركة الشباب وسط الصومال. ومع ذلك بدأت الحملة تتراجع إذ تواجه القوات المتحالفة مع الحكومة صعوبة في السيطرة على المناطق الريفية وتواصل حركة الشباب شن هجمات واسعة النطاق تشمل العاصمة مقديشو.

وزادت الولايات المتحدة عدد الطائرات دون طيار التي دعمت بها داناب خلال الهجوم، وأشاد المسؤولون الأميركيون بالمكاسب باعتبارها أهم تطور منذ سنوات. وقرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من الصومال قبل انتهاء ولايته مطلع 2021، ودخل القرار التنفيذي حيز التنفيذ في الخامس عشر من يناير من العام نفسه.

ولم يكن دور القوات الأميركية في الصومال قياديا أو قتاليا كما لن يكون بعد إعادة نشرها مجددا بحسب ما أكدته وزارة الدفاع الأميركية، بل يقتصر على تقديم المشورة والدعم اللوجستي والاستخباراتي للقوات الصومالية.

ويرى الخبير العسكري الصومالي العقيد أحمد عبدالله الشيخ أن “الصومال كان بحاجة ماسة إلى إعادة نشر تلك القوات، ويأمل في أن تستمر جهود المحاربة المشتركة بأعلى مستوى بين مقديشو وواشنطن عقب عودة النشاط الإرهابي إلى الواجهة بقوة".

ويعتقد عبدالله الشيخ أن عودة الولايات المتحدة إلى الصومال تجبر حركة الشباب على إعادة حساباتها واللعب على وتر سياسة دفاعية بدلا من سياسة الهجوم التي تمارسها الآن.

ويرى مراقبون أن الفساد المستشري في الجيش الصومالي قد يدفع واشنطن مجددا إلى مراجعة قرار استئناف تعاونها مع الصومال في مكافحة الإرهاب، وخاصة إنْ تأكد أن جهودها يعرقلها عدم شفافية الحكومة في مقديشو التي لم تحاسب أحدا بتهم الفساد المتعددة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى