المناطقية الوباء المخيف

> جراحنا ومعاناتنا وأحوالنا الحياتية المعيشية تكاد تكون متطابقة إلا أن داء المناطقية عصف بكل المشاعر الإنسانية وفتك بقيمنا الدينية، وعاداتنا الاجتماعية أجهزت على كل شيء إنساني في مشاعرنا، وحجبت العقل تماما عن التفكير والتمييز؛ لهذا يمكنك أن ترى مواقف تدمي القلب لكنها لا تشكل لديك شعورا بالرحمة ولا يستوقفك أمرها ولا تقرأها بعناية طالما هي من أحزان ومواجع غيرك الذي هو في الأصل من بني جلدتك وإن تباعدت المساحات الجغرافية فهي تجري في نطاق الدار الواحدة لا شك.

فهل حزنت عميقا لرؤية أشلاء الجنود الشباب المتناثرة لم تتخطَ أعمارهم العقد الثاني من العمر، انطفأت أرواحهم وجذوة نشاطهم وهم في مقتبل العمر، ولكل منهم حكاية مع المعاناة ما جعلهم يختارون سبيل الالتحاق بالجندية طريقا ممكنا لبناء حياتهم وإعالة أسرهم؟ شباب بعيدون عن كل الملوثات بصفحة بيضاء للأسف يرسم القدر والغدر نهايتهم المأساوية.

فهل راعتك دموع أمهاتهم وإخوانهم الصغار ممن كانوا ينتظرون عائد جهد هذا الشاب الذي نذر حياته لأجل إعالتهم؟

هل حاز في نفسك وأنت تشاهد دموع الأسى والحزن وشدة وقع الصدمة على الآباء ممن ربوا هذا الشاب حتى بلغ رشده أملا في أن يكون معينا لهم في هذه الحياه لتأتي نزوة حقد وتقطف عمره باكرا؟

إنها مآسينا التي لا تفسير لها إلا أنها تجري في لحظات تحت دفع مناطقي لا عقل له ولا دين.. ما هذا الذي نفعله بأنفسنا بفلذات أكبادنا؟ وما المنتظر من عائد جراء تلك الفواجع التي ترتكب؟

واقع مؤسف لم نكن قد وصلنا إليه على مدى عقود، لكنه يتخلق كوحش في محيطنا ولا نمتلك إزاء ذلك من حيلة.. ربما أننا أطفأنا أنوار العقل واستسلمنا لداء مناطقي يجتث ما كانت فينا من قيم ولم نعد نتحدث عن الأصالة ومكارم الأخلاق لأننا ببساطة تائهون في خضم مسارات غريبة لا أفق لنهايتها، لهذا تطغى شهية الدماء على ما سواها فنقتل فلذات أكبادنا ولا ندرك فداحة ما نرتكب بحق أنفسنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى