عودة شبح انعدام الآمن الغذائي!!!

> ​روسيا أعلنت عن استعدادها توفير سلعة القمح مجانا للدول الفقيرة
> "لا تزال اليمن واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الآمن الغذائي في العالم".التصنيف الدولي للأمن الغذائي للبراءات (IPC).

عاد شبح "انعدام" الآمن الغذائي ليحوم أوضح وأقوى من ذي قبل عند بداية الحرب الروسية الأوكرانية في "فبراير 2022م".
 حدثتان مصيرية على الساحة الدولية ترتبط بأهم سلعتين غذائيتين، "القمح والأرز"، على وشك أن تحدد مصير الأمن الغذائي ليس لنا فقط، بل لمليارات من سكان كوكب الأرض.

- الحدث الأول:
إعلان روسيا انسحابها من "اتفاقية البحر الأسود" الموقع عليها مع تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة في يوليو 2022 بالسماح بتصدير الحبوب الأوكرانية من 3 موانئ أوكرانية عبر البحر الأسود، وتحتل أوكرانيا المرتبة الخامسة عالميا في تصدير القمح والذرة والشعير.

- الحدث الثاني:
خطة تناقشها حاليا الحكومة الهندية لـ "حظر تصدير جميع أنواع الأرز غير البسمتي" (لأسباب اقتصادية هندية داخلية بحثة)، وتعتبر الهند أكبر مصدر للأرز (40 %) في العالم.
- وللعلم، فإن كل من "القمح والأرز" تتربعان وتعتبران في واقع الأمر "الأكبر والأهم" سلعتين في قائمة "الأمن الغذائي" اليمني شماله وجنوبه، في الحضر والريف دون استثناء، هي عادات غذائية تبلورت تاريخيا ومستمرة، بل تجذرت كـ"ثقافة غذائية" للشعب بكافة شرائحه ومستوياته الاجتماعي.
- وبرغم الأهمية القصوى لهذا الواقع لكلا السلعتين (قوت البقاء على الحياة)، إلا إننا اعتمدنا تاريخيا على "نمط استيرادها" من الخارج، اليوم نحن "نستورد نحو 90 و100 %" من "احتياجاتنا الحياتية" من "القمح والأرز" على التوالي.
إلى ما قبل حرب البلطيق، كان يأتينا الجزء الأكبر من القمح (70 %) من أوكرانيا و (روسيا) والأرز (60-65 %) من الهند (وما زال).

الحادثان أعلاه (انسحاب روسيا والحظر الهندية) ترجمت فورا إلى زيادة في أسعار القمح (13 %) وسلعة الأرز في الأسواق العالمية، بل حتى قبل الأحداث المذكورة فأن أسعار القمح والأرز كانت في "اتجاه" الارتفاع بسبب "الجفاف" (التغيير المناخي) الذي أصاب بعض الدول المنتجة/المصدرة /المكتفية ذاتيا و/أو عدم قدرة دول أخرى لديها مخزونات (قمح وأرز) على سد وتلبية الطلب العالمي الكلي.

أن التنبؤات والمؤشرات بخصوص "عدول أو تراجع" روسيا عن قرارها لا تبشر بأي انفراجة محتملة على الأفق، هذه المرة روسيا ربطت ، وبإصرار، عودتها إلى "الاتفاق" بتلبية "شروطها المحددة " (ليسنا في مجال ذكره) في ذات الاتفاق الرباعي المذكور سلفا.
تأتي هذه الأحداث الخطيرة والغير مسبوقة ونحن، دولة مستوردة لكل احتياجاتها من القمح والأرز، بلد يعاني أسوا الأوضاع الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث.

- تضخم مارد وأسعار في ارتفاع مستمر، لجميع السلع الأساسية دون استثناء، زاد من حدة الفقر (80 % من السكان)، تدهور أسعار الصرف فنحرت القوة الشرائية للمواطن، بطالة الأعلى عربيا، توقف الإنتاج لمعظم القطاع الخاص، قطاع مصرفي منهوب، تردئ وتدهور كافة الخدمات الأساسية والعامة... إلخ.
- وبناء على ما ذكر ، "نجزم بعودة شبح انعدام" الآمن الغذائي في اليمن "ثانية".
ولكن عودته "المتوقعة" تعتبر "أوضح وأقوى" من ما اختبرناه عند "ظهوره الأول" بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022م، حينها قفزت أسعار القمح بنحو 50 %، كما أعلنت الهند أنذاك وقف تصدير الأرز إلى الخارج.

ذاك الوقت، كانت التوقعات إننا باتجاه أزمة مؤكدة وعميقة على المستوى الوطني في ارتفاع أسعار القمح والأرز و/أو عدم توفرهما بكميات تلبي الطلب الكلي في السوق المحلي.
وبرغم هذا الموقف الخطير، خاصة بعد أشهر قليلة من بداية الحرب كان هناك "تقاعس/تجاهل متعمد" ملموس وعدم اكتراث (الهروب) من قبل "حكومة المناصفة" لجدية وخطورة الوضع "وتبعاته الكارثية" على الأمن الغذائي في اليمن.

ولكن نتيجة "تحرك شعبي مكثف" في وسائل الإعلام المختلفة قامت حكومة المناصفة "مجبرة" باتخاذ بعض الخطوات الشكلية مع القطاع الخاص الذي يملك زمام الأمور بهذه السلع  المهمة والحساسة(القمح)، كما قامت بالتواصل "المكره" الدبلوماسي مع الهند (الأرز).
فكان أن زعمت حكومة المناصفة أن اليمن لديه احتياطي مخزون كافي لسلعة القمح وأن دولة الهند "استثنت" بلدنا من قرار الحظر... "النهاية".

ويبدو أن "الحظ"، وليس العمل الوطني الجاد، كان بجانب حكومة المناصفة. فلم يمضي وقتا طويلا (يوليو 2022م) حتى تم اتفاق تصدير القمح الأوكراني المذكور سلفا.
بعدها تلاشت إلى حد كبير وتدريجيا مخاوف تقليص أو توقف الصادرات الزراعية الأوكرانية عامة والقمح تحديدا على مستوى أسواقها التقليدية.

تبع ذلك نزول نسبي في أسعار القمح ولكن "بقى أعلى" مما كان عليه قبل الحرب بسبب توقف تصدير القمح الروسي، إضافة إلى الصعوبات اللوجستية في سلاسل الإمداد المختلفة (مخلفات جانحة كورونا) وبطبيعة الحال فالمواطن (المستهلك) هو من تحمل فرق الزيادة السعرية بين الفترتين (ما قبل الحرب وأثناءها)، ومازال!!!.

ونذكر وبرغم هذا الموقف الرسمي "العاجز "، فإن موقف المالية العامة "حينها" لحكومة المناصفة، كان في وضع "أفضل نسبيا" من ما هو عليه "بالوقت الراهن"، في بداية العام 2022م كانت هناك عائدات تصدير النفط الخام بالعملة الصعبة يضاف إليها ايرادات بعض الصادرات المتواضعة وتحويلات المغتربين في الخارج.

وساهمت مساعدات وهبات مالية وعينية من بعض الدول المانحة والمنظمات الدولية في "ردم جزء" مقبول من "العجز الغريزي" في المالية العامة. كما أن موقف "سعر صرف الريال" كان حتما أفضل مما هو عليه الآن.

الحال والوضع المزرئ القائم للمالية العامة وحكومة المناصفة معروف للقاصي والداني، تقهقر وتراجع مالي حكومة "شبه مفلسة"، "عدم كفاءة" سياستها وبرامجها الاقتصادية والمالية" (إن وجدت) والتي بددت "ثقة" الأشقاء  المانحين وكذلك المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، حكومة وبواسطة بنكها المركزي، جففت ما تبقى من الأصول السيادية في مغالطات ( آلية بيع بالمزاد )، نحو أكثر من مليار ومئة مليون دولار تم حرقها في زبالة سعر الصرف، والقادم ربما أسوا، فمصادر العملة الصعبة الرئيسية (النفط الخام) قد تم إغلاقها/ضربها، ودائع الأشقاء، رغم "تواضعها" أصبحت "صعبة المنال وأكثر وندرا"، تقلص في المساعدات/ الهبات الخارجية (معظمها توجهت إلى "أوكرانيا، والآن السودان")، "انكماش" في تحويلات المغتربين، بداية "هجرة" القطاع الخاص (التجار) "هربا" من السياسات الحكومية الانتحارية (بيان الغرفة التجارية) انفاق حكومي "مغدق" غير محاسب أو مراقب لا يعرف مصطلح "التقشف".

مواطن مغلوب على أمره وصابر ولكن ذو عزيمة وإيمان، وإذا ما تجمع وخرج "للاحتجاج" على ما أوصلتم به البلاد والعباد منعتوه وبالقوة "بحجة إقلاق السلم العام والنسيج الاجتماعي".

وهنا يبرز السؤال المنطقي لدولة رئيس الوزراء وحضرات الوزراء من كافة الأطياف بالحكومة:
أنكم على الدوام تشتكون وتأتون بحجج ومسببات لفشلكم المخزي، فلماذا أنتم مستمرون، لماذا لا تستقيلون وتحفظوا ماء وجهكم؟
والآن جاءكم "الاختبار" الحقيقي، ماذا أنتم فاعلون بخصوص الأحداث الأخيرة المتعلقة بانسحاب روسيا من "اتفاقية الحبوب" وقرار الهند "حظر تصدير" الأرز الهندي ؟
- الشعب يريد ضمان "أمنه الغذائي"، فهل أنتم على قدر هذه المسؤولية والمهمة؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى