"اليونيسكو": الصحافيون في اليمن يواجهون مخاطر أزمات البيئة

> «الأيام» غرفة الأخبار:

>
​أكدت منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (يونيسكو) أن المخاطر التي يواجهها الصحافيون في اليمن لا تقتصر على تناول القضايا السياسية فقط، بل إنها تمتد إلى تناول وتغطية الأزمات البيئية في هذا البلد الذي صنف عالمياً بأنه أحد البلدان شديدة التأثر بالتغيرات المناخية.

وفي تقرير لمكتب المنظمة في منطقة الخليج بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، ذكر المكتب أن في خضم الاضطرابات المستمرة، يواصل الصحافيون اليمنيون تحدي المخاطر للإبلاغ عن القضايا الحاسمة، بما في ذلك الأزمات البيئية التي تؤثر على بلادهم.

وأكد التقرير أن هذا البلد المثقل أصلاً بالصراع يواجه عدداً لا يحصى من التحديات البيئية، وأن الكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الفيضانات والأعاصير والانهيارات الأرضية والجفاف، تسببت في أضرار واسعة النطاق على مدى العقد الماضي.

ووفق «يونيسكو»، فإن من بين القضايا الأكثر إلحاحاً الأعاصير الكثيرة التي ضربت اليمن، مما أدى إلى أضرار جسيمة في الإسكان والبنية التحتية، وغمر مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية، وفقدان آلاف الأطنان من المحاصيل، مما أثر بشكل مباشر على سبل عيش اليمنيين.

وأكدت المنظمة أن إعصار «تيج» الذي ضرب المناطق الساحلية الشرقية من البلاد نهاية العام الماضي، أثّر على ما يقدر بنحو 100 ألف أسرة، بما في ذلك 3 آلاف امرأة حامل؛ وفقاً للتقرير الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.
  • تحديات متنوعة
نقل تقرير «يونيسكو» عن حسين اليعبري، من «مبادرة حلم أخضر»، وهي مؤسسة بيئية تهدف إلى تعزيز الوعي بالتحديات البيئية - القول إن هذه التحديات تفاقمت بسبب الصراع، حيث زادت الكوارث التي صنعها الإنسان، مثل إزالة الغابات، والاستخدام غير الآمن للمبيدات الحشرية، وتسرب النفط، وسوء إدارة النفايات؛ لأن ذلك زاد من الضغط على موارد البلاد، وفقا لما نقلته الشرق الأوسط.

ويُبين اليعبري أن بلاده واجهت كثيراً من التحديات البيئية الكبيرة خلال العام الماضي، التي تفاقمت بسبب الصراع المستمر، وتدهور الظروف الإنسانية والاقتصادية والبيئية، ونبه بأن الوعي بجميع جوانب الأزمة البيئية وعواقبها أمر ضروري لبناء السلام. ولهذا فإن العمل الصحافي أمر بالغ الأهمية لهذا الغرض؛ لأنه يزود الجمهور بمعلومات موثوقة، وتحليلات ثاقبة، وفهم شامل للقضايا التي تؤثر عليهم بشكل مباشر.

ورأى اليعبري أن التهديد الأكبر الذي كان يواجه الناس والبيئة في اليمن هو ناقلة النفط المتهالكة صافر، التي تم إنقاذها، وذكر أن مبادرة «حلم أخضر» قامت برفع مستوى الوعي بهذه القضية من خلال الحملات، ونشر الأفلام والتحذيرات عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية؛ لأنه من دون ذلك «لن تعرف المجتمعات بذلك التهديد».

ونبهت المبادرة بأن على الرغم من الأولويات المتنافسة في أوقات الصراع، فإن من المهم إعطاء الأولوية لإعداد التقارير البيئية، لأن الإبلاغ عن القضايا البيئية أثناء الأزمات أمر بالغ الأهمية، حيث يؤدي الصراع إلى تفاقم التدهور البيئي، مما يؤثر بشكل مباشر على سبل العيش.

وقالت المبادرة إنها أعطت الأولوية لنهج يوازن بين الإلحاح والتأثير، وحاجة الجمهور إلى المعرفة، والإبلاغ عن الأزمات التي تُشكّل تهديدات مباشرة على صحة الإنسان وسُبل عيشه، مثل ندرة المياه أو النفايات السامة أو الانسكابات النفطية. من خلال ربط القضايا البيئية بالقصص الإنسانية المستمرة، وربط تغير المناخ بالفشل الزراعي وانعدام الأمن الغذائي.

ووفق المبادرة التي تنشط في مجال البيئة والتغير المناخي، فإن الصراع في اليمن استنزف الموارد، بما في ذلك الوقود والكهرباء والاتصال بالإنترنت، ما جعل الصحافيين يواجهون صعوبات في جمع البيانات وإجراء المقابلات ونقل التقارير.
وقالت: "يعيق انقطاع التيار الكهربائي، ومحدودية الوصول إلى التكنولوجيا إعداد التقارير في الوقت المناسب، في حين يؤدي الصراع إلى زيادة انتشار المعلومات الخاطئة، مما يجعل التحقق من المعلومات ضرورياً ومكافحة المعلومات المضللة".
  • عقبات كبيرة
أكدت «يونيسكو» في تقريرها أن الصحافيين اليمنيين يواجهون عقبات كبيرة في البحث عن المعلومات حول مختلف القضايا ونشرها، خاصة في بلد مزقته الحرب، واستشهدت بالتقرير الربع سنوي الأول لنقابة الصحافيين اليمنيين لعام 2024، الذي وثق 17 حالة انتهاك ضد الحريات الإعلامية في البلاد.

وشملت تلك الانتهاكات التضييق على الحريات، والاعتداء على الصحافيين والمؤسسات الصحافية، ومصادرة الممتلكات.
وقالت المنظمة الأممية إنه وبالإضافة إلى التعامل مع التهديدات الجسدية والاقتصادية والسياسية والنفسية والرقمية والقانونية، قد يكون الوصول إلى معلومات موثوقة في أوقات الأزمات أمراً صعباً.

ووفق مرصد الحريات الإعلامية وصل إجمالي الانتهاكات التي مورست ضد الصحافة والصحافيين في اليمن، وتحديداً منذ بداية عام 2015م حتى أبريل الماضي 2024، إلى 2,536 انتهاكاً، من بينها 54 حالة قتل لصحافيين وصحافيات.
خمسة أعوام قضاها الصحفي اليمني محمد الصلاحي داخل أقبية جماعة الحوثي، واجه خلالها تعذيبا وحشيا في محاولة لكسر إرادته وإسكات صوته.

أطلق الحوثيون سراح الصلاحي في يوليو  2023، فيما ما زالت تعتقل آخرين حتى اليوم، منهم من يحتفل بـ "اليوم العالمي لحرية الصحافة" للعام الـ10 على التوالي في معتقلات الجماعة التي يصف زعيمها الصحفيين بأنهم "أكثر خطرًا من الخونة والمقاتلين".

ويقول الصلاحي لـ "العين الإخبارية": "أنا اليوم في موقع مختلف تمامًا عما كنت عليه العام الماضي، فقبل عام، كنت أرزح تحت وطأة اختطاف قاسٍ في أقبية وسجون مليشيات الحوثي، عشتُ خلالها 5 سنوات عجاف من المعاناة والألم في تلك السجون المظلمة".

ولم تكن السنوات التي قضاها الصلاحي في معتقلات الحوثي مجرد أيام عابرة، بل كانت رحلة شاقة، أفقدته حريته، وحرمته من أبسط حقوقه كإنسان، ومن التواصل مع عائلته، وأصدقائه، فضلا عن شتى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي.

"إيمان الصحفي اليمني برسالة صحابة الجلالة، لم يتغير أو يتبدل رغم القمع الحوثي، وانتهاك حرية الصحافة والترهيب"، يقول الصلاحي، ويضيف أيضا: "تجربتي هي تجربة مئات الصحفيين المختطفين في سجون الحوثي، الذين يواجهون يومياً مخاطر جسيمة وإرهابا متعمدا وتعذيبا مستمرا".

وفي كلّ يوم، يُسجنُ صحفيون، ويُعتدى عليهم، ويصل الأمر، إلى حد التصفية والقتل لمجرد أنهم يمارسون الحق في التعبير عن آرائهم ونقل الحقيقة، كما يؤكد الصلاحي.

وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، وجّه الصلاحي نداء إلى جميع حكومات العالم، وإلى المنظمات الحقوقية والإنسانية، للتصدي لموجة القمع التي تمارسها جماعة الحوثي ضد الصحافة في اليمن لا سيما في الشمال.
وقال إن "اليوم العالمي لحرية الصحافة، مناسبة لاستذكار كفاح الصحفيين في سبيل إيصال الحقيقة، ونضالهم ضد قوى الظلم والقمع".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى