هل يصبح الجنوب ساحة تنافس وصراع دولي جديد؟

> كم نحن اليوم في أمسِ الحاجة إلى رجال يحملون مشروع الدولة الجنوبية يتحملون الأذى والهجمات الشخصية في سبيله، لكي يقودون شعبنا إلى مستقبل أفضل، بدلا من الزعامات التي تمتهن اللعب بالعواطف والخطاب الشعبوي وحين يحتاجهم شعبهم يتركونه وحيدا.

المنطقة تتغير بطريقة لم يتوقعها أكثر خبراء الاستراتيجيات وعلوم المستقبل معرفة وخبرة، الجميع يتسابقون على تحقيق المكاسب ومناطق النفوذ، والجنوب ليس بعيدا عن هذه المتغيرات، سيكون حتماً ساحة تنافس أخرى؛ كونه يحتل أهمية بالغة في الجغرافيا والموارد من بين الدول المطلة على البحر العربي والمحيط الهندي، ولكونه جزءا من المنطقة الأكثر عرضة للأزمات، كما كان له نصيب من الحرب الباردة في إطار صراع الأحلاف بين المعسكرين الشرقي والغربي قبل سقوط جدار برلين.

إن الجنوب واليمن قد تمترسا كلاهما في أحد المعسكرين وتنافسا في التسلح، و جرت سلسلة من النزاع بينهما انتهت إلى ما انتهت إليه بعد انتهاء تلك الحرب الباردة، فكان الاعتقاد أنها نهاية تلك النزاعات غير أن هذا كله سقط يوم حاولت صنعاء إلغاء عدن سياسيا واقتصادية وعسكريا واعتقدت القُوَى الحاكمة في صنعاء بغزوها للجنوب في 1994 أن الأمور ستكون كما شاءت وأنها ستتسيد وحدها على الموقع والثروة الجنوبية التي تسمح لها أن تكون في موقع أقوى وأهم غير موقع التبعية التي عاش نظامها عليه، وستصبح جزءا من محاور وأحلاف تعطيها قوة إضافية في المنطقة.

إن حساب الحقل ليس كحساب البيدر فالظروف المواتية التي سمحت لحكام صنعاء احتلال الجنوب لم تدم طويلا بعدما ظهرت إرهاصات الرفض الجنوبي لكل القيم السياسية والثقافية التي حاولت فرضها نخب صنعاء على الجنوبيين فكان الحراك الجنوبي السلمي الرد الأكثر تعبيرا حضاريا وثورية.

اليوم في عالم متغير وظهور أحلاف جديدة وتواري أخرى، هل تكون أرض الجنوب مسرحاً مفتوحا لتصفية حسابات الكبار، ويصبح مجرد رَقْم على موائد اللئام في صراع المنافسة المحتدم عالميا؟

أما صنعاء الحوثية فقد حدد موقعها وأعلنت توجهها الإيراني فشغلت المنطقة وأفزعت الإقليم بعدما عززت دور إيران العابر للحدود، ولكيلا نصبح كجنوبيين مجرد أحجار في لعبة شطرنج على طاولة الكبار والصغار، علينا جميعا وعلى القيادات الجنوبية قبل فوات الأوان، امتلاك أمرين: أولا النظر بواقعية لِمَا يجر حولنا وتحديد موقعنا بدقة دون انفعالا و ردود أفعال وقتية وغير فعالة مما يجري، وثانيا تعزيز الوحدة الجنوبية والاتفاق كحد أدنى، على الأهداف المصيرية لشعب الجنوب وأهمها استعادة الهُوية وتحصين مشروع بناء الدولة الجنوبية الاتحادية.

فالرؤية الواقعية ستمكننا من فهم المتغيرات، ومن معرفة مكامن الضعف والقوة في العلاقات الدولية والإقليمية، وتعيننا على اتخاذ المواقف التي تقربنا من تحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة، كما أن وحدة الموقف الجنوبي في الأهداف وعلى الحد الأدنى من المشتركات بدافع المصلحة الواحدة يسهم في صلابة موقف القيادة، وكذلك تعريف أعداء قضية شعب الجنوب ودرجة تأثيرهم بل خطرهم عليها والمواقف منهم سيسهل على القيادات الجنوبية وضع استراتيجيات المواجهة عسكريا أو اقتصاديا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى