قصف جرف الصخر بالعراق رسالة أمريكية إلى إيران: حرسك الثوري تحت رحمة طيراننا

> بغداد "الأيام" العرب:

> ​تضمّن اختيار القوات الأميركية لمنطقة جرف الصخر الواقعة في محافظة بابل جنوبي العاصمة العراقية بغداد، موضعا لاستهداف الميليشيات الشيعية الضالعة في توجيه ضربات لمواقع تلك القوات في العراق وسوريا، رسالة واضحة إلى الميليشيات وإيران التي تقف خلفها، مفادها أن الولايات المتّحدة تعلم بدقة ما يجري داخل الجرف، وأنّ أعينها ترصد أنشطة الحرس الثوري الإيراني داخله، وأنّ البنية التحتية التي أقامها هناك تظل تحت رحمة الطيران الحربي الأميركي المهيمن دون منازع على الأجواء العراقية.

وأدّى قصف نفّذه الطيران الأميركي المسيّر لتمركز الميليشيات الشيعية وطال جرف الصخر، إلى قتل عدد من عناصر الميليشيات التي سبق لها أن تبنّت تنفيذ هجمات على مواقع يوجد فيها جنود أميركيون في إطار مهمة تدريب ومساعدة القوات العراقية على مواجهة تنظيم داعش، بحسب ما هو معلن بشكل رسمي من قبل بغداد وواشنطن.

وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان "نفذت قواتنا ضربات منفصلة ودقيقة ضد منشأتين في العراق، وذلك ردا مباشرا على الهجمات التي شنتها إيران والجماعات المدعومة منها ضد القوات الأميركية وقوات التحالف”.

وذكر مسؤول دفاعي أميركي أن المنشأتين هما مركزان للعمليات بالقرب من الأنبار وجرف الصخر جنوب بغداد استخدمتهما كتائب حزب الله لـ”دعم الهجمات الأخيرة على قواعد الولايات المتحدة والتحالف في العراق وسوريا”.

وتحوّل جرف الصخر الذي يبعد عن بغداد حوالي مئة كيلومتر، وهو عبارة عن منطقة بساتين كثيفة الغطاء النباتي، منذ اقتحامه في خريف سنة 2014 من قبل ميليشيات الحشد الشعب بذريعة تمركز تنظيم داعش داخله، إلى ما يشبه الثكنة الكبيرة للميليشيات التي قامت بطرد سكانه ورفضت مغادرته.

ورشحت منذ ذلك الحين أنباء عن احتواء الجرف، الذي حوّلت الميليشيات اسمه إلى “جرف النصر”، على مركز قيادة وتحكّم كبير تابع للحرس الثوري الإيراني، وعن أنشطة تعبئة وتدريب وتنظيم تجري داخله.

كما تحدّثت مصادر متعدّدة عن إقامة بنية تحتية صناعية لتجميع أجزاء الطائرات المسيّرة والصواريخ القادمة من إيران، وتركيبها على قواعد الإطلاق الثابتة والمتحرّكة، إضافة إلى صناعة بعض الأجزاء محليا.

وقالت إن الإيرانيين والميليشيات التابعة لهم استفادوا من البنية الصناعية العسكرية الموجودة منذ ما قبل سنة 2003 في جرف الصخر ومناطق قريبة منه.

واعتبر خبراء عسكريون أن الضربات الأميركية التي شملت جرف الصخر أكّدت مجدّدا حرية تحرّك الطيران الأميركي في الأجواء العراقية وقدرته على انتقاء أهدافه بدقةّ والتحكّم في حجم الخسائر التي يريد إحداثها في صفوف أعدائه وبنيتهم التحتية.

وقالوا إنّ تأكيد الولايات المتّحدة مرارا وتكرارا على أنّ قواتها الموجودة في العراق غير قتالية، يغدو غير ذي معنى حتّى وإن كان فيه جانب من الحقيقة، على اعتبار أنّ القوات غير قتالية على الأرض وهي لا تحتاج أصلا إلى هذا النوع من القتال ومن مصلحتها تجنّبه، في ظل ما تمتلكه من قدرات فائقة في الأجواء عن طريق أنواع كثيرة من الطائرات المقاتلة المأهولة والمسيرة وكذلك طائرات الرصد والمراقبة والتشويش الإلكتروني التي يمكن أن تقلع من سوريا المجاورة أو من قواعد أبعد من حاملات طائرات داخل البحار والمحيطات.

ويلفت الخبراء إلى أن نقطة القوة هذه التي تمتلكها القوات الأميركية هي ذاتها نقطة ضعف الحرس الثوري في العراق وسوريا وكذلك الميليشيات التابعة له حيث يظلان تحت رحمة الطيران الحربي الأميركي، بدليل تمكّن الولايات المتّحدة من اصطياد القائد السابق للحرس الثوري قاسم سليماني ومعاونه العراقي أبومهدي المهندس وقتلهما بضربة جوية قرب مطار بغداد الدولي مطلع سنة 2020.

وأحدث الردّ الأميركي على الميليشيات الإيرانية في العراق ارتباكا في صفوف قادة الفصائل المسلحة الذين يدركون أن تماديهم في التصعيد ضد القوات الأميركية سيقابل بتصعيد مضاد.

كما لم يخل ذلك الردّ من إحراج للحكومة العراقية التي تدرك أنّها ستصبح عرضة للمزيد من ضغوط الميليشيات لدفعها إلى طرد القوات الأميركية من البلاد، وهو أمر لا تقدر عليه عمليا، ليس فقط بحكم ما يربطها بواشنطن من اتفاقيات مؤطرة لوجود تلك القوات، ولكن أيضا لوجود مصالح حيوية مع الطرف الأميركي يجب حمايتها والحفاظ عليها.

وتحاول حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من هذا المنطلق استرضاء الميليشيات وتهدئة قادتها.

ووصفت على لسان متحدّثها الرسمي باسم العوادي قصف القوات الأميركية لمنطقة جرف الصخر بأنه “تصعيد خطير مرفوض وانتهاك واضح للسيادة العراقية”.

كما نفت علمها المسبق بالقصف مؤكّدة أنها صاحبة الحق الحصري في محاسبة الخارجين عن القانون “ولا يحق لأي جهة خارجية أداء هذا الدور نيابة عنها، وهو أمر مرفوض وفق السيادة الدستورية العراقية والقانون الدولي”.

ويُقصد بعبارة الخارجين عن القانون الميليشيات التي تستهدف القوات الأميركية، ولا تملك حكومة السوداني أي سيطرة عليها كونها تابعة للحرس الثوري الإيراني وتتلقى أوامر التصعيد والتهدئة منه بشكل مباشر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى