العباسي فاكهة الملوك.. مشتل زراعي يسعى للحفاظ على ثروة لحج الزراعية المنقرضة

> هشام عطيري:

> لحج.. موطن الفاكهة النادرة وموطن فاكهة "العباسي" الملوكية
> تعتبر محافظة لحج، إحدى أبرز المناطق الزراعية التي اشتهرت بزراعة العديد من الفواكه الفريدة التي تكاد تكون حصرية لهذه المحافظة. في هذا السياق، تتميز لحج بزراعة فاكهة العباسي، التي تُعرف بـ"ملك الفواكه" و"فاكهة الملوك"، وهي تسمية تحمل في طياتها إرثًا تاريخيًا وثقافيًا عميقًا يرتبط بجذور المحافظة وتقاليدها الزراعية.
  • العباسي: الفاكهة الملكية
فاكهة العباسي ليست مجرد فاكهة عادية، بل هي رمز للفخر والتقاليد الزراعية في لحج. يُروى أن هذه الفاكهة قد اكتسبت تسميتها من أول من قام بزراعتها، وهو عباس كمراني، الذي كان أحد الشخصيات البارزة في تاريخ السلطنة العبدلية التي حكمت المنطقة. كمراني قام بزراعة هذه الفاكهة لأول مرة في قصر الروضة خلال عشرينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين أصبحت فاكهة العباسي جزءًا لا يتجزأ من الهوية الزراعية للحج.
  • تاريخ زراعة فاكهة العباسي
تعود قصة زراعة فاكهة العباسي إلى زمن السلطنة العبدلية، التي كانت تحكم محافظة لحج والمناطق المجاورة. في تلك الفترة، كانت المنطقة تعرف بازدهار زراعي كبير، وكانت الزراعة تمثل العمود الفقري لاقتصاد المحافظة. اختار عباس كمراني، الشخصية المؤثرة في تلك الحقبة، أن يبدأ زراعة فاكهة جديدة ونادرة في قصر الروضة، الذي كان آنذاك مركزًا سياسيًا وثقافيًا مهمًا. وقد نجحت زراعة هذه الفاكهة وأصبحت علامة تجارية فريدة للمحافظة.


  • أهمية فاكهة العباسي في التراث اللّحجي
فاكهة العباسي ليست فقط محصولًا زراعيًا، بل هي جزء من التراث الثقافي للمنطقة. يُنظر إليها على أنها رمز للفخامة والملوكية، وهو ما يتضح من ألقابها مثل "ملك الفواكه" و"فاكهة الملوك". كما أنها تعد من الفواكه التي تُقدم في المناسبات الهامة، حيث تجسد جزءًا من الهوية والتراث الزراعي لأهل لحج.
  • التحديات الراهنة والمحافظة على الإرث الزراعي
مع مرور الزمن، واجهت زراعة فاكهة العباسي، شأنها شأن العديد من المحاصيل الزراعية في اليمن، تحديات كبيرة بسبب التغيرات المناخية وتراجع الاهتمام بالزراعة. ومع ذلك، لا يزال المزارعون في لحج يبذلون جهوداً كبيرة للحفاظ على هذا الإرث الزراعي، حيث تعتبر فاكهة العباسي جزءًا من هوية المنطقة وتراثها الزراعي الغني.


وتظل فاكهة العباسي علامة مميزة على غنى وثراء التراث الزراعي للحج، وتستمر في تمثيل جزءٍ هام من تاريخ المنطقة وهويتها. وعلى الرغم من التحديات التي تواجه زراعتها اليوم، إلا أن هذه الفاكهة الملكية تظل شاهدًا على الماضي المجيد والهوية الفريدة لمحافظة لحج.
  • الانتشار والتوسع
تعتبر فاكهة العباسي من الفواكه النادرة التي نشأت في محافظة لحج. ولقد كانت غير معروفة في العديد من محافظات اليمن، لكن بفضل الجهود الحثيثة للمشتل الزراعي، تم إنتاج عدد كبير من شتلات هذه الفاكهة وتوزيعها في مختلف المحافظات اليمنية وخارجها. على سبيل المثال، تم نقل كميات من شتلات العباسي إلى مدينة الفاو في العراق، حيث زرعت هناك وتبنت اسم "عباسي" كما هو في لحج. الاسم العلمي لهذه الفاكهة هو "سابوتا"، وهي تعد من الفواكه اللذيذة والمرتفعة السعر.


يشير المهندس المعلم إلى أن سوق فاكهة العباسي لم يتشبع بها بعد، ولن يتشبع حتى بعد مائة عام نظراً للطلب الكبير عليها. ويؤكد المزارع محسن مهدي أن أسعار فاكهة العباسي مرتفعة في السوق، حيث تصل السلة الواحدة ما بين 80 إلى 90 ألف ريال. هذا السعر المرتفع يعكس مدى رغبة الناس في الحصول على هذه الفاكهة، وكذلك التوسع في زراعتها في لحج والمحافظات الأخرى.
  • تحديات الزراعة والحفاظ على الإرث الزراعي
من جانبه، يؤكد المواطن حامد فضل أن محافظة لحج كانت ولا تزال من أبرز المحافظات الزراعية، مشيرًا إلى أن بعض أنواع الفواكه التي كانت تزرع في لحج قد انقرضت، بينما تظل فاكهة العباسي تقاوم الزمن وتستمر في النمو. ويشير فضل إلى أن مستقبل الزراعة في لحج والمحافظات الأخرى يكمن في الحفاظ على زراعة هذه الفاكهة وتوسيع نطاقها.


أما فؤاد ثابت، مالك متجر في سوق المدينة، فيوضح أن هناك إقبالًا كبيرًا على فاكهة العباسي رغم ارتفاع سعرها، مشيرًا إلى أن لحج والحديدة من أبرز المحافظات التي تشتهر بزراعة العباسي.
  • المشتل حامي التراث الزراعي
لقد حققت زراعة العباسي في المشتل الزراعي نجاحات كبيرة بفضل الجهود المخلصة التي يبذلها المهندس الزراعي أحمد سعيد المعلم، الذي تحول إلى عامل ومزارع وحاصد ومتابع لكل أعمال المشتل الزراعي.

يقول المهندس المعلم إن المشتل، رغم عدم توفر الإمكانيات، قام بتكثير العديد من الأشجار ومنها شجرة العباسي. يتم إنتاج الأصول البذرية وإجراء عمليات التطعيم بالتلقيح حتى تكون الشتلات جاهزة للنقل والغرس.


لم يقتصر دور المشتل على زراعة فاكهة العباسي فقط، بل عمل أيضًا على الحفاظ على بعض النباتات والأشجار التي كانت تزرع في لحج وتعرضت للانقراض. من بين هذه النباتات، نبات "الريته الصابون"، وأشجار العناب، التي حصل المشتل على بذورها وتم غرسها للحفاظ عليها. كذلك، تمكن المشتل من إعادة زراعة أشجار النارجيل التي انقرضت من لحج وتم إحضار شتلاتها من حضرموت.
  • تحديات تواجه المشتل الزراعي
يواجه المشتل الزراعي تحديات كبيرة في الحفاظ على مختلف أنواع الأشجار والنباتات النادرة، منها عدم توفر الإمكانيات والأدوات المطلوبة لتكثير البذور، إضافة إلى ضعف إنتاجية المياه التي تغذي أرض المشتل، وهو ما يعد تهديدًا حقيقيًا قد يؤدي إلى جفاف المشتل.


ويؤكد المهندس المعلم أن المشتل الزراعي يعد الركيزة الأساسية لتطوير العملية الزراعية في لحج، مشيرًا إلى أن جهود الوكيل الزراعي ومدير مكتب لحج، عبدالملك ناجي عبيد، ساهمت بالتواصل مع المنظمات الدولية لإعادة تأهيل المشتل بعد أن تعرض لأضرار جسيمة خلال الحرب.

تبقى فاكهة العباسي رمزًا لثراء التراث الزراعي في لحج، ويعمل المشتل الزراعي بقيادة المهندس أحمد سعيد المعلم على حماية هذا الإرث من الانقراض. رغم التحديات العديدة، إلا أن جهود المزارعين المحليين تساهم في استدامة زراعة هذه الفاكهة وتوسيع انتشارها، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الهوية الزراعية لمحافظة لحج ومستقبلها الزراعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى