الأزمة الزراعية في اليمن.. هبوط حاد في أسعار المحاصيل وتكبد خسائر فادحة

> أحمد يسلم:

>
المزارعون يعانون من الإفلاس والخسائر المتلاحقة في ظل غياب السياسات الزراعية
المزارعون بين مطرقة المحتكرين وسندان الأسعار المنخفضة: مستقبل الزراعة في خطر
الفارق الكبير بين أسعار الجملة والتجزئة يفاقم معاناة المزارعين اليمنيين

يعاني منتجو الفواكه والخضار والحبوب في دلتا أبين وتبن وبقية المحافظات اليمنية من هبوط حاد في أسعار منتجاتهم ومحاصيلهم الزراعية إلى حد البوار، مما يتسبب في تكبدهم خسائر فادحة. هذا الواقع المؤلم يتجلى في أسعار الطماطم، الموز، المانجو، الليمون، والبصل، حيث تباع بأسعار منخفضة جدًا في ظل غياب سياسة زراعية واضحة وعدم فتح أسواق لتصدير منتجاتهم، كما أن غياب جمعيات التسويق يزيد من حدة الأزمة.

ووفقًا للمزارعين، فإن سعر كيلو المانجو يباع بأقل من ألف ريال قعيطي، فيما يتراوح سعر دشة الليمون بين 4-6 آلاف ريال، وسعر كيلو الموز هبط إلى 50 ريالاً. أما الطماطم، والتي يطلق عليها "المجنونة"، فقد وصلت أسعارها إلى مستويات متدنية جدًا.


المزارعون يرون أن نصيبهم من نكبة البلاد يمثل النصيب الأكبر والأفضع. ومن بين هؤلاء، هناك كبار المزارعين في دلتا أبين وأحور الذين يشكون من الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها.

المشكلة تكمن أيضًا في هيمنة ثلة من المحتكرين على السوق، الذين يستغلون غياب السياسات الزراعية لتحقيق أرباح طائلة على حساب المزارعين. هؤلاء المحتكرون يعاونهم شبكة واسعة من تجار الجملة والتجزئة الذين لا يقنعون بأرباح تقل عن 300 %.

يذكر أحد المزارعين أن الفارق بين سعر البيع في سوق المنصورة عدن وسعر التجزئة في أسواق مدينة عدن أو جعار أو لحج يكشف مدى التلاعب في الأسعار واستغلال المزارعين.

نتيجة لهذا الوضع، هجر العديد من الناس الأرض، وطغى عليها نبات السيسبان، وهناك من سارع إلى بيعها أو تحويلها إلى مخططات سكنية غير مراقبة من الدولة وتفتقر لأبسط معايير السلامة والأمان والخدمات.


وتعد أبين، واحدة من أكثر المحافظات الزراعية الُمُنتجة للمحاصيل المتنوعة في البلاد. وتتميز هذه المحافظة بمناخها المعتدل وخصوبة التربة فيها. وتشتهر أبين بالأودية التي يُقدر عددها بـ 15 واديًا، إلى جانب مجاري السيول التي تنحدر من مختلف مناطق البلاد، وتمر بها لتصب في مياه خليج عدن وبحر العرب.

وتنقسم المناطق الصالحة للزراعة في المحافظة التي تبلغ مساحتها حوالي 21489 كم² إلى ثلاث، أولها المناطق الساحلية وتشمل (دلتا أبين، دلتا أحور، يرامس)، والتي تُشكَّل أكبر مناطق المحافظة الزراعية من حيث المساحة. وتأتي بعدها المناطق متوسطة الارتفاع، وتشمل مناطق (لودر، مودية، المحفد، سباح، سواد، رصد)، وتحتل المرتبة الثانية من حيث المساحة الزراعية. بينما تأتي مناطق (جيشان، دمان) الجبلية في المرتبة الثالثة من حيث المساحة الزراعية فيها.
  • انهيار منظومة الري
في أربعينيات القرن الماضي، شهدت أبين تأسيس شبكة ري زراعية متميزة هي الأولى من نوعها في اليمن. وساهمت شبكة الري المُعتمدة على مياه السيول عبر قنوات منظمة في زيادة الإنتاج الزراعي، وفي المقدمة إنتاج القطن طويل التيلة التي تميَّزت المحافظة في إنتاجه.


وبسبب الأوضاع الصعبة التي شهدتها المحافظة والتغيرات المناخية الكبيرة التي حصلت بالآونة الأخيرة، تهالكت شبكات الري من جسور وسدود وقنوات.

وفي حديثه لـ "سوث24" عن أوضاع شبكات الري في المحافظة، قال مدير وحدة الري، المهندس عبدالله محول طبيق إنَّ "محافظة أبين تتعرض للعديد من السيول الجارفة، وذلك بحكم تأثير المنخفضات الجوية المتكررة، وآخرها ما حدث في موسم الخريف 9 أكتوبر 2021".

وأشار طبيق إلى أنَّ "ارتفاع منسوب المياه في جسم السد وصل إلى حوالي سبعة أمتار، تم استيعاب جزء منه في الشبكة حسب القدرة الاستيعابية لكل قناة بالرغم من عدم توفر المخصصات المالية لصيانة الشبكة".

واستطرد طبيق في حديثه عن الشبكة "منذ إنشائها إبان الاحتلال البريطاني للجنوب، لم يتم إجراء أي صيانة حتى هذا الوقت. وبالتالي فإنَّها معرضة للانهيار إذا لم يتم صيانته على وجه السرعة."

وأضاف، "هذا كل ما يخص الشبكة في أعلى الدلتا، أما أسفل الدلتا بوادي بناء فهو للأسف عبارة عن أعمال تقليدية من عقوم (2) ترابية تحويلية تحوَّل الماء لأراضي المزارعين لريها، وبمجرد زيادة منسوب المياه يتم حرفها وتصل المياه الى البحر دون أن تُروى أراضي المزارعين."

وقال طبيق إنَّهم وجهوا رسائل الى الوزارة "بضرورة عمل مصدات خرسانية، وقد تم إنزال فريق فني للعمل ودراسات الوضع، ولكن حتَّى اللحظة لم يتم احتساب أي تمويل لتنفيذ المشروع" وفقا لتقرير سابق نشره مركز سوث 24.

وقال مدير عام مكتب الزراعة والري في محافظة أبين، المهندس حسين فضل الهيثمي في حديثه لـ “المشاهد” إن مساحة الأراضي الزراعية في أبين تراجعت قبل الحرب إلى ما يعادل النصف.


وأضاف أن المساحة الزراعية وصلت في فترة ما قبل الحرب إلى 40 ألف فدان مقارنة ب 80 ألف فدان وهي الآن بتحسن ملحوظ.

ولفت الهيثمي إلى أن أشهر منتجات أبين وهو القطن تراجع من 36 مليون رطل إلى 97 ألف رطل.

وأكد الهيثمي أن الحرب والزحف العمراني وعدم اهتمام السلطة المحلية بمحافظة أبين تسبب بانحسار المساحات الزراعية خصوصًا في دلتا أبين وأوديتها الثلاثة (حسان وبنا وأحور)، حد تعبيره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى