ضمن 15 تحفة أثرية يمنية.. ملك قتبان في مستودع بضواحي باريس

> «الأيام» غرفة الأخبار:

>
​في الأيام الأولى من يناير 2020م، وأثناء تفتيش روتيني للشرطة في ضواحي باريس لا علاقة له بالآثار، وجدت في أحد المستودعات 15 تحفة من آثار اليمن، وعلى الفور، أبلغت الشرطة مركز مكافحة الإتجار بالممتلكات الثقافية والآثار التابع لوزارة الداخلية الفرنسية، الذي تحقق من أصالتها، وتواصل مع سفارة اليمن في باريس لتقديم ما يؤكد أن هذه القطع يمنية.

وقال الباحث اليمني المختص بتتبع الآثار عبد الله محسن بمنشور بصفحته في موقع "فيسبوك" اليوم، إن السفارة بدورها أبلغت وزارة الخارجية، مما أدى إلى دورة عبثية استمرت عامين بسبب فقدان وزارة الثقافة للكفاءة والرغبة في الإنجاز، وعدم توفير الحكومة ميزانية كافية لعمل الوزارة، وبالتالي فقدان هيئة الآثار الإمكانات اللازمة لأداء عملها.

عقد اجتماع في باريس، في الخامس من مارس 2023م، بين الجانب اليمني والجانب الفرنسي، ضم وزير الثقافة اليمني، وسفير اليمن الدائم في اليونيسكو د. محمد جميح، الذي كان له الدور الأهم في هذه القضية، وسفير اليمن في باريس د. رياض ياسين، ومحامي السفارة ديفيد دومارشيه، وممثلين عن وزارة الداخلية الفرنسية.

وأضاف خبير الآثار على صفحته في فيسبوك، أن الاجتماع قدم الأوراق والإثباتات اللازمة، وكان أهمها بيان أصالة الأعمال الفنية المقدم من سابينا أنطونيني وكريستيان جوليان روبن.

كافة القطع الأثرية المضبوطة كانت من مجموعة الفرنسي من أصول إيطالية، فرانسوا أنتونوفيتش، للآثار اليمنية، والتي تضم أكثر من 100 قطعة أثرية، أغلبها نشرت.

وعلق محسن أن عالم الآثار فرانسوا برون إف يعتبر الأقرب إلى مقتنيات أنتونوفيتش.
وأوضح أن جزء من المضبوطات كان مودعًا لدى متحف المعهد الشرقي للكتاب المقدس في ليون (إسبانيا).

وحتى اللحظة، لا توجد معلومات كافية عن كيفية خروج هذه المضبوطات من المتحف الإسباني إلى مستودع بضائع في إحدى ضواحي باريس. وتساءل محسن: “إذا كانت المقتنيات قانونية، لماذا تم تهريبها ضمن حاوية بضائع دون الإفصاح عنها؟”

في 23 نوفمبر 2022م، أصدر عالمي الآثار سابينا أنتونيني (روما) وكريستيان جوليان روبن (باريس) بيانا حول أصالة هذه الأعمال، وأكد عبد الله محسن أن البيان تم تقديمه للسلطات الفرنسية عبر الجانب اليمني، وأوضحوا فيه:

– المنحوتات من 1 إلى 6 عبارة عن لوحات جنائزية ذات وجه إنساني بارز، من الحجر الجيري أو الحجر الرملي؛ من معين، من مقبرة في الجوف اليمنية (ربما من براقش / يثل، البيضاء / نَشق و/أو السودة / نشأن)، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع – الثالث قبل الميلاد.

– اللوحات الثانية والثالثة والسادسة هي بالتأكيد صور لذكور بسبب وجود لحية بارزة. تحتوي اللوحة الثانية والخامسة على نقش كامل، بينما تحتوي اللوحة السادسة على نقش مجزأ؛ اللوحة الرابعة تحافظ على ترصيع العيون بالكامل.

– المنحوتات من الأرقام 7 إلى 10 عبارة عن لوحات جنائزية ذات رأس بقري بارز ومستدير؛ من قتبان، من مقبرة وادي بيحان، على الأغلب من حيد بن عقيل، تمنع. يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي.
– القطعة رقم 11، قاعدة لوحة جنائزية قتبانية أو رأس بشري، يعود تاريخها إلى ما بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.

– تمثال المرمر رقم 12، يمثل امرأة جالسة، من قتبان، من مقبرة وادي بيحان، أو على وجه التحديد من حيد بن عقيل، تمنع؛ ومن المفترض أنه يعود تاريخه إلى ما بين القرن الثاني والأول قبل الميلاد.

– التماثيل من الأرقام 13 إلى 16، تمثل شخصيات بشرية تقف على قواعد منقوشة. من قتبان، من مقبرة وادي بيحان، أو على وجه التحديد من حيد بن عقيل، تمنع؛ ومن المفترض أنها تعود إلى ما بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.

الحديث عن آثارنا في أوروبا عموما وفرنسا خصوصًا يقودنا إلى الحديث عن الأنماط المتعددة لوضع الآثار اليمنية هناك. النمط الأول، الآثار الموجودة في المتاحف الرسمية مثل متحف اللوفر وهذه في الغالب حصلت عليها المتاحف من نصيب البعثات الأثرية أو عبر الشراء منها أو من مزادات علنية.

وتتنوع هذه الآثار بين نقوش مسندية وموائد قرابين وتماثيل مرمر وبرونزيات ترجع لما قبل وبعد الميلاد. وتغطي دول الحضارة اليمنية سبأ وحمير وحضرموت وأوسان وقتبان ومعين وما إلى ذلك.
وأضاف مختص الآثار أن النمط الثاني يتمثل في الآثار الموجودة في القصور الخاصة وتكون في الغالب من التماثيل الحجرية أو البرونزية وتغطي في الغالب المراحل المزدهرة من فن النحت الصخري وتصميم وصب القوالب البرونزية. وتثار الشكوك حول مصدرها.

أما النمط الثالث، فهو الآثار المعروضة في المزادات وفي متاجر وصالات بيع التحف الأثرية، والتي تحتاج لتدخل الحكومة اليمنية دبلوماسيًّا وقانونيًّا لاستعادتها والضغط لتحديد مصدرها.

وتابع محسن أن عدد الآثار اليمنية في فرنسا لا يمكن الجزم به، إلا أن تواجدها الواسع وانتشارها يلفت نظر الباحث والمتتبع. وبسبب الطلب عليها وعدم كفاية المعروض، أنشأ القطاع الخاص في فرنسا ورشًا لإنتاج آثار مقلدة مثل شركة قصر الفن الملكي الدولي التي تعرض تماثيل ومنحوتات شواهد قبور مطابقة للآثار اليمنية.

عمليات الحفر والنبش العشوائي للمواقع الأثرية والتسويق للآثار المنهوبة والتفاوض لبيعها لا تتم في كوكب المريخ، وإنما أمام عين المجتمعات المحلية وقوات إنفاذ القانون والحكومة.

وأوضح محسن أن المهربين والسماسرة معروفون لدرجة أنهم يتواصلون مع بعض أساتذة الآثار، ومدراء المراكز البحثية، ورئاسة هيئة الآثار، ووصل الأمر بهم إلى مراسلة علماء آثار في الخارج بغرض تسويق ما لديهم من آثار اليمن. حتى أن هناك كتالوجات للقطع الأثرية المتاحة للبيع. ولا يخفى علينا أن يد تجار الآثار والحروب طائلة، والباحث الحصيف هو من يقول كلمته لتوعية المجتمع وتشكيل ضغط على الحكومة لاستحداث استراتيجيات وآليات للحد من ظاهرة التهريب، دون التسبب بمقتله.

وقال الباحث اليمني محسن، المختص بتتبع الآثار اليمنية، إن هذه التفاصيل تسلط الضوء على تحديات تهريب الآثار اليمنية وأهمية تشكيل ضغط على الحكومة لحمايتها واستعادتها.
وأضاف أن المجتمع والباحثين يلعبون دورا مهما في الضغط لتطوير سياسات فعالة للحد من تهريب الآثار والحفاظ على التراث الثقافي اليمني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى