صحيفة: تنظيم القاعدة يتجهز للتعاون مع الحوثيين لتنفيذ عمليات بحرية

> "الأيام" العرب اللندنية:

>
​سيف العدل المقيم في إيران "عرّاب" التقارب بين التنظيم والجماعة
> يشير الحديث عن انفتاح جماعة الحوثي في اليمن حول تأسيس تحالفات مع أفرع تنظيم القاعدة في شرق أفريقيا، إلى رغبة قوية لتوسيع رقعة النفوذ الإقليمي والبحري، والاستعداد لمرحلة جديدة من التصعيد مع إسرائيل بعد ضربات عسكرية متبادلة أخيرا، بجانب التجهز لفرضية فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وما سوف يتبناه من تصرفات صارمة تجاه القوى المهددة لمصالح بلاده.

وقالت الكاتبة إميلي ميليكين في تقرير لها بمجلة “ناشيونال إنتريست” الأميركية بعنوان “التحالف القاتل بين الحوثيين وحركة الشباب” نشر في 23 يوليو الجاري، إن تطوير تحالف بين الحوثيين وحركة الشباب وهي الفرع القوي لتنظيم القاعدة في الصومال، يمثل تطورا خطيرا، لافتة إلى أن الجماعتين بحاجة لبعضهما بهدف تعويض نقص الموارد والعتاد والوصول للمزيد من الأسلحة والتمويل، فضلا عن الإسناد والدعم المتبادل على جبهات المواجهة الإقليمية أو في الداخل اليمني والصومالي.

وكان سيف العدل (قائد تنظيم القاعدة الفعلي حاليا والمقيم في إيران) هو “عرّاب” عروض التقارب بين فرع القاعدة في اليمن وجماعة الحوثي، وأرفقت خطط التعاون الحركي والعسكري بعمليات في البحر الأحمر مقابل تسهيلات عديدة تقدمها الميليشيا الحوثية لفرع التنظيم في اليمن، وفي حالة الاتفاق مع فرعه في الصومال لن تفوت الجماعة تطويع وتسخير قدرات حركة الشباب وميزات تمركزها الإستراتيجي في الصومال للتعاون في سبيل تحقيق الهدف نفسه.

ولا يقتصر الاتفاق الذي كشف عن جزء من تفاصيله تقرير صدر عن الاستخبارات الأميركية في الحادي عشر من يونيو الماضي على توفير أنظمة أسلحة متطورة لحركة الشباب الصومالية مقابل إيرادات مالية يحتاجها الحوثيون، حيث يشمل مشاركة بشكل فعال في عمليات البحر الأحمر وخليج عدن.

ووصف ثلاثة مسؤولين أميركيين لشبكة “سي أن أن” ذلك في يونيو الماضي بأنه “تطور مثير للقلق يهدد بزيادة زعزعة الاستقرار في منطقة تشهد بالفعل أعمال عنف”.

وأشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أن “زواج المصلحة قد يجعل الأمور أسوأ في كل من الصومال والبحر الأحمر وخليج عدن”.

وتحتاج الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في المنطقة إلى دعم مضاعف وتطوير للتعاون مع الجماعات المسلحة السنية أكثر من أي وقت مضى، بعد الانتقال من إستراتيجية تهديد مصالح إسرائيل والغرب في البحر الأحمر إلى استهداف الداخل في إسرائيل، والسعي لامتلاك أدوات مضافة لتحقيق الأهداف المعتادة، وفي مقدمتها تخفيض الضغوط التي يتعرض لها حزب الله اللبناني، والرد على الضربات التي تشنها إسرائيل على مصالح إيران داخل الأراضي السورية، والهادفة لتقليص وجودها العسكري هناك.

وأوصلت النزعة البراغماتية لدى حركة الشباب الصومالية إلى عدم رفض الانخراط في حلف مع جماعات تختلف معها في المذهب، على ضوء مخاوفها من أن تقلص الضربات العسكرية التي تعرضت لها جماعة الحوثي من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل من قوتها.

وترى حركة الشباب الصومالية أن صمود جماعة الحوثي وغيرها من الجماعات الموصوفة بأنها “وكلاء إيران” في المنطقة سوف يصب في مصلحتها في سياق المواجهة الشاملة ضد أعداء مشتركين.

ويخدم التعاون المتوقع بين الجانبين فحوى رسائل جماعة الحوثي التي ترغب في بعثها إلى خصومها الدوليين والإقليميين، ومفادها أنها تملك أدوات وأوراق وحلفاء غير تقليديين، فضلًا عن ترسانة عسكرية تمكنها من توجيه ضربات أشد قسوة لإسرائيل، ما يترك انطباعًا بأن المواجهة المستمرة مع الولايات المتحدة منذ يناير الماضي لم تخصم من قدراتها.

وعلاوة على رفع كلفة عمليات إسرائيل العسكرية التي تشنها داخل سوريا، وهو ما صرح به علانية منتصف مارس الماضي وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني متحدثًا عن ضرورة ردع هجمات إسرائيل في سوريا، وقائلا “هناك خطط وإجراءات يجري تنفيذها”، ما يعني أن ميليشيا الحوثي يمكنها توسيع دائرة عملياتها إقليميًا لتتجاوز البحر الأحمر.

ويوفر إتمام التحالف بين الحوثي وحركة الشباب الدعم اللوجيستي للجماعة، والمؤازرة العملياتية والتنسيق الميداني لنجاح خطط تشكيل تهديد جدي للسفن الأميركية والبريطانية خارج البحر الأحمر.

ويعزز هذا التطور حرص إيران على استثمار دورها غير المباشر في صمود حركة الشباب الصومالية الموالية للقاعدة وتمكينها من استردادها مساحات من الأراضي وعدد من المدن وسط البلاد وإفساد انتصارات الجيش الصومالي التي حققها خلال العامين الماضيين، عبر إسهامها في مد فرع القاعدة في شرق أفريقيا بالسلاح من خلال الوسيط الحوثي.

ويتعلق هذا التحول أيضًا بما يبذله قادة القاعدة المركزيين من جهود في سبيل توطيد العلاقات بين مختلف الميليشيات الشيعية المسلحة التي يشرف عليها الحرس الثوري وفروع تنظيم القاعدة في المنطقة.

وكما نجح سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان) وهو الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة المركزي والمقيم بإيران في التقريب بين فرع القاعدة في اليمن وجماعة الحوثي وتحويل الخصومة بينهما إلى شراكة قائمة على التعاون في الداخل اليمني، فقد لعب دورًا رئيسيًا في تكريس تحالف نوعي بين الحوثيين وفرع القاعدة في شرق أفريقيا (حركة الشباب)، بما يخدم المصالح والأهداف الإيرانية ويلبي حاجات الطرفين من المال والسلاح والدعم اللوجستي، في ضوء الرغبة في توسيع العمليات بالمحيط الهندي.

ويرتبط دور سيف العدل في التخطيط والإشراف على نشاط تخريبي نوعي يجمع بين الحوثيين وفرع القاعدة في الصومال بخبراته القديمة بمناطق باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر.

وتولى سيف العدل في التسعينيات من القرن الماضي الإشراف على عمليات التخريب التي نفذها تنظيم القاعدة في شمال شرق أفريقيا ودوره المتعلق بالإعداد والتدريب في الهجمات على السفارات الأميركية في كل من دار السلام بتنزانيا ونيروبي في كينيا، وخلفتا مئات القتلى والمصابين، وتدبيره للهجوم على المدمرة الأميركية “يو إس كول” في خليج عدن عام 2000، وجميعها سبقها تدريبات وإدارة معسكرات في السودان وإثيوبيا والصومال بين عامي 1992و 1993.

وتُعد الاستفادة من خبرات سيف العدل الممتدة في النشاط التخريبي بهذه المناطق الحيوية والتعاون مع حركة هي أغنى فروع القاعدة حول العالم وتعدادها يصل إلى 12 ألف عنصر، عاملا مهما لجماعة الحوثي، وإيران التي نجحت في ضم بعض الفصائل المسلحة السنية إلى محورها الذي يخطط لتأسيس هلال شيعي في منطقة الشرق الأوسط.

وفيما تراهن تركيا منذ سنوات للنفاذ إلى الساحة الصومالية والهيمنة عليها برًا وبحرًا وجوًا على التعاون الوثيق مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو ودعم وتدريب الجيش الصومالي، تراهن إيران على التحالف غير المباشر مع حركة الشباب الموالية للقاعدة عبر الوسيط الحوثي وتحت إشراف سيف العدل، لتوظيف موقع الصومال الفريد لخدمة أهدافها الإستراتيجية والاستفادة من ثرواته ومعادنه وموقعه الحيوي في القرن الأفريقي.

ولا تتاح لجماعة الحوثي فرص الاستمرار في تكتيكاتها وضمان فاعلية ورقتها الرئيسية التي تشرعها طول الوقت لتهديد خصومها إلا بامتلاك موطئ قدم في الصومال الذي يتحكم بموقعه المهم بشكل كامل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والذي يؤدي إلى أهم الممرات الملاحية في العالم، وهو قناة السويس، وترى يمكن أن تحقق ذلك من خلال تأسيس تحالف نوعي مع حركة الشباب الصومالية.

وأصبحت إستراتيجية إيران بشأن تشكيل حلف سني – شيعي يرفع شعار الممانعة ويوظف القضية الفلسطينية ذات التأثير الكبير في الجماهير المسلمة تحت قيادتها أكثر وضوحًا من ذي قبل، عبر تقسيم الأتباع المُفترَضين إلى قسمين، أحدهما ينضوي تحت قيادة حركة حماس الفلسطينية مثل الجماعة الإسلامية في لبنان، وقسم ينضوي تحت قيادة تنظيم القاعدة مثل حركة الشباب فرع التنظيم في الصومال وشرق أفريقيا.

والواضح أن مخططات النظام الإيراني الذي يخفي أهدافه الحقيقية تحت ستار مواجهة الغرب ونصرة القضية الفلسطينية لزعزعة الاستقرار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب كانت في صلب الرعاية الإيرانية المبكرة لتنظيم القاعدة، تحت عنوان توحيد قوى الإسلام السياسي وطي صفحة الانقسام المذهبي الدموي بين السنة والشيعة لقتال العدو المشترك.

وانتقلت بعض الإجراءات الحيوية من أفغانستان إلى داخل إيران، مثل عمليات جمع الأموال والتواصل بحرية مع رجال القاعدة حول العالم وحتى تأمين وزارة الاستخبارات والحرس الثوري، ملاذات لقادة القاعدة، ما جعل وزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو يطلق في يناير عام 2021 على إيران اسم (القاعدة الجديدة لتنظيم القاعدة).
هشام النجار

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى