خطة المنطقة العازلة في غزة.. خيار الدولتين ليس في حسابات إسرائيل

> "الأيام" وكالات:

> ​أثارت المبادرة التي عرضتها إسرائيل في نقاشات مع دول إقليمية بشأن إقامة منطقة عازلة داخل غزة شكوكا في واقعية الطرح الإسرائيلي وفرص تنفيذه، ودفعت مراقبين إلى التساؤل: كم يبقى من غزة إذا فرضت إسرائيل منطقة عازلة؟

وتوحي المبادرة الإسرائيلية بسقوط خيار الدولتين من حسابات حكومة بنيامين نتنياهو وإستراتيجية الجيش الإسرائيلي.

وقالت مصادر مصرية وإقليمية إن إسرائيل أبلغت عدة دول عربية برغبتها في إقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة لمنع أيّ هجمات مستقبلية عليها في إطار مقترحات بشأن القطاع في مرحلة ما بعد الحرب.

وذكرت ثلاثة مصادر إقليمية أن إسرائيل أبلغت جارتيها مصر والأردن، إلى جانب الإمارات بهذه الفكرة.

وأشارت المصادر إلى أن هذه الفكرة طُرحت أيضا على السعودية التي لا تربطها علاقات مع إسرائيل وأوقفت مساعي التطبيع معها بوساطة أميركية بعد اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر.

ولا تشير المبادرة إلى قرب نهاية الهجوم الإسرائيلي الذي استؤنف الجمعة بعد هدنة استمرت سبعة أيام لكنها تظهر أن إسرائيل تتواصل مع دول أخرى غير الوسطاء العرب المعروفين، مثل مصر أو قطر، في سعيها لتحديد الوضع في غزة في فترة ما بعد الحرب.

ويرى المراقبون أن المسؤولين الإسرائيليين يتعاملون مع الحل المستقبلي في غزة بتفكير الحل الأمني الراهن في الصراع مع حركة حماس من دون حساب المقاربة النهائية للحل، وأنهم يسقطون فكرة حل الدولتين التي يقوم عليها خيار الأمم المتحدة وجرى التعامل معها كأرضية للسلام خلال العقود الأخيرة، وقادت مفاوضات أوسلو التي أنتجت السلطة الفلسطينية.

ولا تعرف ردود الدول التي تم عرض المبادرة عليها، لكن من الصعب التعامل مع مبادرة كهذه في الوضع الراهن الذي يتطلب خطوات للتهدئة بدل التصعيد، ومن جهة ثانية فهي تتناقض مع مسار التطبيع مع دول عربية كانت اشترطت تسوية الملف الفلسطيني وفق القرارات الدولية.

ولم تعبّر أيّ دولة عربية عن استعدادها لإدارة غزة في المستقبل وندد معظمها بشدة بالهجوم الإسرائيلي الذي أودى بحياة أكثر من 15 ألفا من الفلسطينيين ودمر مساحات واسعة من المناطق الحضرية في القطاع.

وقال مسؤول أمني إقليمي كبير، وهو أحد المصادر الثلاثة التي طلبت عدم الكشف عن جنسياتها، “إسرائيل تريد إقامة هذه المنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل شمالا إلى الجنوب لمنع أيّ تسلل أو هجوم عليها من جانب حماس أو أيّ مسلحين آخرين”.

واعتبر محمد دحلان، رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق في غزة والمنتمي إلى حركة فتح التي طُردت من القطاع بعدما سيطرت حماس عليه في عام 2007، أن خطة إسرائيل للمنطقة العازلة غير واقعية ولن تحمي القوات الإسرائيلية. وأضاف أن المنطقة العازلة قد تجعل القوات الإسرائيلية هدفا أيضا في المنطقة.

وردا على سؤال عن فكرة إقامة منطقة عازلة، قال أوفير فولك مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية في تصريحات لرويترز “الخطة تحمل تفاصيل أكثر من ذلك. إنها تقوم على عملية من ثلاثة مستويات لليوم التالي (للقضاء على) حماس”.

وفي معرض توضيحه لموقف الحكومة الإسرائيلية، قال إن المستويات الثلاثة تشمل تدمير حماس ونزع سلاح غزة والقضاء على التطرف في القطاع. وأضاف “المنطقة العازلة قد تكون جزءا من عملية نزع السلاح”.

ورفض تقديم تفاصيل عندما سئل عمّا إذا كانت هذه الخطط قد أثيرت مع شركاء دوليين، منهم دول عربية.

وترفض الدول العربية هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس ووصفته بأنه مستحيل قائلة إن الحركة الفلسطينية أكثر من مجرد قوة مسلحة يمكن هزيمتها.

وأشارت إسرائيل في الماضي إلى أنها تدرس إقامة منطقة عازلة داخل غزة، لكن المصادر قالت إنها تعرضها الآن على الدول العربية في إطار خططها الأمنية المستقبلية لغزة.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته إن إسرائيل “طرحت” فكرة المنطقة العازلة دون أن يحدد الجهة التي طرحتها عليها. لكن المسؤول أكد مجددا معارضة واشنطن لأيّ خطة من شأنها تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية.

وعبرت الأردن ومصر ودول عربية أخرى عن مخاوفها من طرد إسرائيل للفلسطينيين من غزة في تكرار لمصادرة الأراضي من الفلسطينيين عند إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948. وتنفي الحكومة الإسرائيلية أيّ هدف من هذا القبيل.

وقال مصدر أمني إسرائيلي كبير إن فكرة المنطقة العازلة “تجري دراستها” مضيفا “ليس من الواضح في الوقت الحالي مدى عمقها (المنطقة العازلة) وما إذا كانت قد تصل إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين أو مئات الأمتار (داخل غزة)”.

ومن شأن أيّ توغل في قطاع غزة الذي يبلغ طوله نحو 40 كيلومترا ويتراوح عرضه بين 5 و12 كيلومترا أن يؤدي إلى محاصرة سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في منطقة أصغر.

وتقود مصر وقطر محادثات الوساطة مع إسرائيل التي تركز على إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس مقابل إفراج إسرائيل عن الفلسطينيين المحتجزين في سجونها.

وكشف مصدران أمنيان مصريان أن إسرائيل طرحت خلال محادثات الوساطة مع مصر وقطر فكرة نزع الأسلحة من شمال غزة وإقامة منطقة عازلة في شمال القطاع تحت إشراف دولي.

وأفادت المصادر بأن عدة دول عربية تعارض ذلك. وأضافت أن الدول العربية قد لا تعارض إقامة حاجز أمني بين الجانبين لكنّ هناك خلافا حول موقعه.

وقال المصدران المصريان إن إسرائيل قالت خلال اجتماع في القاهرة في نوفمبر إن قادة حماس يجب أن يحاكموا دوليا مقابل وقف كامل لإطلاق النار. ونقل المصدران عن وسطاء قولهم إنه يجب تأجيل مناقشة هذه المسألة إلى ما بعد الحرب لتجنب عرقلة المحادثات المتعلقة بإطلاق سراح المحتجزين.

وقال أحد المصدرين المصريين إن إسرائيل تحولت في مناقشاتها مع مصر وقطر من التركيز على الرد على الهجوم، وهو الموقف الذي كانت تتبناه في وقت سابق من الأزمة، إلى إبداء استعداد أكبر “لإعادة النظر في مطالبها مع استمرار الوساطة”.

وشبهت المصادر الإقليمية فكرة المنطقة العازلة في غزة “بالمنطقة الأمنية” التي أقامتها إسرائيل في جنوب لبنان. وأخلت إسرائيل تلك المنطقة التي كانت بعمق نحو 15 كيلومترا في عام 2000 بعد سنوات من القتال والهجمات التي شنها حزب الله اللبناني.

وأضافت المصادر أن خطة إسرائيل لغزة في فترة ما بعد الحرب تتضمن طرد قادة حماس، وهو إجراء يشبه الحملة الإسرائيلية في لبنان في الثمانينات من القرن الماضي عندما طردت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تشن هجمات من لبنان على إسرائيل.

وقال أحد المسؤولين الإقليميين المطلعين على المحادثات إن إسرائيل مستعدة لدفع ثمن باهظ لطرد حماس نهائيا من غزة إلى دول أخرى في المنطقة مثلما فعلت في لبنان، لكنه أشار إلى أن الأمر ليس مماثلا، مضيفا أن التخلص من حماس صعب وغير مؤكد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى