تقلبات المناخ تدمر سبل العيش في اليمن.. حرارة مرتفعة وأمطار شحيحة
> «الأيام» العين الإخبارية:
>
وتشهد عدة مناطق يمنية موجات جفاف وشح في تساقط الأمطار التي يعتمد عليها نسبة كبيرة من المزارعين، بالإضافة إلى ضعف مصادر المياه الجوفية، والتي يعتمد عليها المزارعين في تغذية زراعتهم غير الموسمية.
وتتصف تلك الكميات المتساقطة على عموم محافظات البلاد بالندرة، والتي تؤثر على إنتاجية القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه نحو 70 % من سكان اليمن.
وأوضح أنه في حال عودة تساقط الأمطار، سوف يقوم بزراعة أرضه بمحاصيل زراعية أخرى، والتي لا تتطلب لفترة زمنية طويلة للنمو والحصاد.
وبحسب منير، فإن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة معدلات التبخر، مما يقلل من كمية المياه المتاحة للنباتات، إذ تتسبب درجات الحرارة المرتفعة بإجهاد المحاصيل الزراعية؛ مما يقلل من قدرتها على النمو والإنتاج.
وتابع: "بما أن الكثير من سكان اليمن يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل فان تراجع المحاصيل يعني فقدان مصدر الدخل الأساسي للكثيرين، ومع تدهور الظروف الزراعية، يضطر العديد من المزارعين إلى النزوح إلى المدن أو حتى الهجرة إلى دول أخرى بحثًا عن فرص العمل".
وأكدوا أن تقلبات المناخ تشكل تحديًا كبيرًا للدولة بشكل عام، وللمزارعين بشكل خاص، حيث تتطلب هذه التحديات حلولًا مبتكرة ومستدامة للتكيف مع الظروف المتغيرة وضمان استدامة سبل العيش.
وأشارت إلى أن التعرض لفترات طويلة لدرجات الحرارة المرتفعة يؤثر ايضا على الجودة الغذائية للمحاصيل، في حين أن موارد الري والمياه قد لا تكون متاحة باستمرار في المناطق الريفية.
ويأتي اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف 5 يونيو، ولا زالت اليمن تحت وطأة الكثير من التحديات البيئية الناتجة عن عدة عوامل أبرزها التغيرات المناخية، واستمرار الحرب الحوثية التي نالت من البيئة والإنسان اليمني.
ولم تكن تبعات المناخ وحدها من أثرت على البيئة اليمنية، حيث تسببت حرب مليشيات الحوثي ضد الدولة بتدمير شامل وممنهج للبيئة تمثلت بنهب الموارد المخصصة للبرامج البيئية والزراعية، وقيامها بزراعة مساحات واسعة بملايين الألغام الفردية والمضادة للدروع، وقطع الطرقات ومنع وصول المواطنين إلى أراضيهم الزراعية.
كما يؤكد الخبراء أن التغيرات المناخية لعبت دورًا كبيرًا في تفاقم الوضع البيئي في البلاد، من خلال تعرضها لتطرف مناخي غير مسبوق، أدت مؤخرا إلى فترات جفاف أطول وأمطار متفاوتة في مناطق غزيره جدًا وفي مناطق أخرى أقل.
ويوضح أن "هناك عدة عوامل ساهمت في تلوث البيئة، وتسببت بتلوث المياه، وتلوث الهواء، والتربة الزراعية، منها مخلفات النفايات الصلبة والنفايات العضوية، ومخلفات الصرف الصحي والتي تختلط بالمياه الجوفية".
وبالنسبة لتلوث الهواء، ينصح الخبير اليمني، بالعمل على "منع الحرائق العشوائية، وكذلك إلزام السيارات بالعوادم للحفاظ على البيئة، وتفعيل اللوائح وعمل التشريعات للحد منها، والقيام بعمليات التشجير بشكل مستمر خاصة في المدن، وذلك كونه يمتص الكثير من الغازات السامة".
تأثيرات عديدة طالت سبل العيش والمحاصيل الزراعية في اليمن، إثر تقلبات المناخ وانخفاض هطول الأمطار الموسمية وارتفاع قياسي لدرجات الحرارة هذا العام.
وخلافًا عن بقية الأعوام الماضية التي شهدت فيضانات وأمطار غزيرة، مثل صيف هذا العام انتكاسة كبيرة للمزارعين في عموم مناطق البلاد الذين يعتمدون بشكل رئيسي على مياه الأمطار؛ حيث شهدت تراجعًا كبيرًا في هطول الأمطار وارتفاعًا في درجات الحرارة وصلت لـ40 درجة مئوية في بعض المناطق، وسط توقعات بفترة جفاف تدمر سبل العيش من محاصيل ومرعى الماشية.
يأتي ذلك إثر وقوع اليمن ضمن مناخ جاف وشبه جاف باعتباره أبرز الأسباب التي تؤدي إلى شحة مصادر المياه، وانخفاض كبير في كميات مياه الأمطار المتساقطة.
- المزارع الأكثر تضررًا
يشكو المزارع اليمني زيد إبراهيم (65 عامًا)، من تراجع هطول الأمطار خلال هذا الموسم، قائلًا إن موجات جفاف ضربت أراضيه الزراعية ما جعلها تفقد حياتها، بعد أن عمل طوال الفترة السابقة في إصلاحها وتهيئتها لاستقبال بذور الذُرة.
ويضيف المزارع اليمني في حديثه لـ "العين الإخبارية"، أنه قام بزراعة أرضه قبل شهر ونصف بعد أن شهدت منطقته الواقعة في مديرية المعافر ريف تعز الجنوبي، أمطارًا متفاوتة، دفعته لحراثتها.
وأشار إلى أن الأمطار تراجعت يوم بعد آخر، حتى أصاب أرضه الجفاف، ولحق زرعه الضرر وتوقفه عن النمو، مؤكدًا أن ذلك عرضه لخسارة كبيرة وحرمانه من جني محاصيله الزراعية من الحبوب، والتي يعتمد عليها بشكل كبير في معيشته، وتربية المواشي.
- تأثيرات على سبل العيش
في السياق يقول الخبير اليمني في التغيرات المناخية منير قائد لـ"العين الإخبارية"، إن لتقلبات المناخ آثار كبيرة وسلبية على سبل العيش في مختلف محافظات اليمن، سيما العاملين في القطاع الزراعي والذي يعتمد عليه شريحة واسعة من المواطنين.
ويضيف الخبير اليمني إن من أبرز تلك الآثار انخفاض هطول الأمطار، وارتفاع في درجة الحرارة، وموجات الجفاف، حيث تعتمد الزراعة في اليمن بشكل كبير على الأمطار الموسمية وانخفاض هطول الأمطار يعني نقص المياه اللازمة لري المحاصيل، ومع نقص المياه، تتراجع إنتاجية المحاصيل الزراعية بشكل كبير.
وأكد قائد أن قلة الأمطار تؤدي إلى تدهور خصوبة التربة وتعمل على زيادة ملوحتها، مما يجعلها أقل كفاءة في دعم الزراعة، والذي يتسبب بانخفاض العائد الاقتصادي للمزارع.
كما أن الظروف المناخية الحارة -وفق الخبير البيئي- يمكن أن تزيد من انتشار الآفات الزراعية والأمراض التي تضر بالمحاصيل، والذي ينعكس سلبًا على حياة المزارع المعيشية، من خلال نقص الغذاء وتضرر الأمن الغذائي للسكان.
- تحديات تقلبات المناخ
ويرى مختصون زراعيون أن الانخفاض في الإنتاج الزراعي الناتج عن ندرة الأمطار، سوف يؤدي إلى نقص في توفر الأغذية المحلية، مما يزيد من الاعتماد على الواردات وزيادة الأسعار.
وأشار المختصون إلى أن المزارعين في اليمن خلال هذا العام، سيتعرضون لخسائر مالية كبيرة بسبب عدم قدرتهم على حصاد كميات كافية من المنتجات الزراعية.
- بيئة مليئة بالتحديات
في آخر نشرة إنذار مبكر، قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" إن الانخفاض المتوقع في هطول الأمطار بحلول أوائل يونيو يشير إلى انتهاء موسم الأمطار في الصيف في اليمن، وسط توقعات بمستويات منخفضة من الأمطار في بعض المناطق، تصل فيها التقديرات التراكمية إلى 40 ملم في محافظات إب وتعز وذمار وسقطرى.
وأكدت أن هذه "هذه المرحلة تتميز بارتفاع درجات الحرارة، وظروف الجفاف، ونقص ملحوظ في هطول الأمطار، مما يخلق بيئة مليئة بالتحديات للزراعة وأنشطة كسب العيش المرتبطة بها".
وحثت المنظمة الأممية "المزارعين والرعاة على وضع استراتيجيات للحفاظ على أنشطتهم خلال فترة الجفاف القادمة"، وتوقعت أن ترتفع درجة الحرارة خلال فترة العشرة أيام القادمة بشكل ملحوظ، لتصل إلى مستويات قصوى في جميع أنحاء البلاد، إذ من المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى ذروتها عند حوالي 40 درجة مئوية أو أكثر، خاصة في محافظات حضرموت والمهرة ولحج.
ونصحت المنظمة المجتمعات المحلية بحماية نفسها من خلال تقليل التعرض لفترات طويلة في الهواء الطلق للحفاظ على آليات التبريد الطبيعية، وتقليل احتمالية الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، خاصة بين الفئات الضعيفة مثل النساء الحوامل والمرضعات، وكبار السن، والأطفال الصغار، والأفراد الذين يعانون من حالات صحية مزمنة.
ويشكل الجمع بين الحرارة الشديدة ومحدودية هطول الأمطار عقبات كبيرة أمام الممارسات الزراعية وسبل العيش في المناطق المعرضة للخطر، ووفقا للمنظمة فأن ذلك قد يؤدي "إلى انخفاض غلة المحاصيل أو انخفاض كبير في الأداء، وبالتالي التأثير على مستويات الأمن الغذائي والتغذية".
تحديات قاسية تعيشها البيئة اليمنية ابتداء من التصحر والجفاف وتلوث المياه وصولا إلى الفيضانات وتلوث الهواء والتربة الزراعية وانتهاء بحرب الحوثي المدمرة.
وأدت التبعات الناجمة عن التغيرات المناخية إلى تصحر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، سواء بسبب الفيضانات والأعاصير أو موجات الجفاف، وتلوث الهواء والمياه الجوفية، وفق خبراء يمنيون.
- تلوث حوثي للبيئة
مؤخرًا، باتت هجمات مليشيات الحوثي السبب الرئيسي في تلوث البيئة البحرية والمياه الإقليمية للبلاد، من خلال قصفها السفن التجارية والناقلات النفطية والمحملة بالأسمدة والمواد الكيميائية، ما أدى إلى غرق ناقلة "روبيمار" التي تقل 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم ما شكل خطرا بيئيا حقيقا في البحر الأحمر.
ناقلة روبيمار
إلى جانب، ضرب الحوثي التنوع الحيوي البحري، يحذر خبراء البيئة والمناخ من التحديات التي تواجه البيئة اليمنية والتنوع البيولوجي الحيوي والنباتي فيها الناتجة عن استمرار حرب المليشيات وزراعتها للألغام والعبوات والشراك الخداعية.
- تحديات بيئية عديدة
خبير البيئة والتغيرات المناخية في اليمن محمد الصلوي يقول لـ"العين الإخبارية"، إن "اليمن يواجه تحديات كثيرة في مجال البيئة، أبرزها التصحر الناتج عن زحف الرمال تجاه الأراضي الزراعية خاصة في محافظات مأرب، وشبوة، وأبين، ولحج، والحديدة، وأن عدم مواجهة هذا التصحر عبر تثبيت الكثبان الرملية الزاحفة بالمصدات والأشجار والغطاء النباتي".
ويضيف الخبير البيئي اليمني، أن "من تلك التحديات أيضًا موجات الجفاف الحاصلة في عدة مناطق يمنية، وقلة الأمطار الموسمية، ونقص منسوب المياه في الآبار الجوفية؛ الناتج عن قلة الحواجز للمياه وعدم استغلال مواسم الأمطار للتخزين مع عدم تأهيل الآبار والحفاظ عليها وصيانتها".
- تحديات كثيرة تواجه البيئة باليمن
كما "تسببت مخلفات حرب المليشيات، وعدم استخدام عوادم السيارات وانتشار الحرائق، والتي تعمل كغطاء في طبقات الجو العليا وتمنع نزول الأمطار إلى جانب أنها تساهم في ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال الغازات الدفيئة والسامة الصادر عنها"، وفقًا للصلوي.
ويشير إلى أن الأمطار الغزيرة في بعض المناطق والفيضانات، أدت إلى جرف الأراضي الزراعية، وطمر أخرى، كما تتسبب المبيدات والسموم والأسمدة بتلوث الهواء بعد أن تقوم بتلوث التربة الزراعية، فضلاً عن أضرارها الصحية الكبيرة بالإنسان.
وبحسب الخبير البيئي أنه وللتخفيف من هذه الأضرار والتحديات البيئية في البلاد، يجب العمل على الميدان من خلال تثبيت الكثبان الرملية من خلال التشجير، واقامة الحواجز المائية، وتأهيل آبار المياه، وتغذية المياه الجوفية عن طريق تصريف مياه السيول من المنحدرات إلى الأماكن المنخفضة ليتم تشبيع الأرض وتغذية الآبار الجوفية.