دعم كييف بصواريخ بعيدة المدى.. هل يدفع موسكو لتسليح صنعاء؟

> «الأيام» الخليج أونلاين:

>
​على الرغم من تحذير الولايات المتحدة لروسيا بأن تتجنب دعم جماعة الحوثي، فإن الدعم الغربي لأوكرانيا يدفع موسكو إلى دعم الحوثيين في اليمن ما يعزز من تأثير هجماتها على السفن في البحر الأحمر.

ذلك ما يتوضح بحسب ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم أمس، التي ذكرت نقلًا عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين - لم تسمهم - أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الأمريكي جو بايدن، ناقشا يوم الجمعة (13 سبتمبر الجاري) السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ كروز البعيدة المدى الأوروبية الصنع لضرب أهداف في عمق روسيا.

هذا القرار -بحسب الصحيفة - تردد فيه الغرب كثيرًا لخوفه من رد روسي بتسليح الحوثيين في حملتهم لمهاجمة السفن في البحر الأحمر، وجاء نقاش بايدن وستارمر، بعد تحذير أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن مثل هذا القرار يضع حلف الناتو "في حالة حرب" مع موسكو.

الصحيفة ذكرت أن الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا كانت حتى الآن مترددة في السماح لكييف باستخدام أسلحة بعيدة المدى، مثل "ستورم شادو" البريطانية الفرنسية، داخل الأراضي الروسية.
وأوضحت أن هذا التردد يأتي خوفًا من تصعيد الصراع، وخوفًا من تسليح بوتين للحوثيين المتمركزين في اليمن، في حملتهم الطويلة الأمد في مهاجمة السفن بالبحر الأحمر.

وعندما سئل بايدن عن هذا القلق قبل اجتماعه في البيت الأبيض مع ستارمر، قال "لا أفكر كثيرًا في بوتين"، وأوضح أنهم سيناقشون الاستخدام المحتمل للصواريخ الغربية البعيدة المدى داخل روسيا خلال المحادثة المغلقة، بحسب الصحيفة.
  • حملة سرية
"وول ستريت جورنال" سبق أن قالت، في يوليو الماضي، إن البيت الأبيض أطلق حملة سرية لمحاولة منع موسكو من تسليم الصواريخ للحوثيين الذين ينفذون هجمات ضد السفن في البحر الأحمر.

الصحيفة نقلت حينها عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الإدارة الأمريكية لمنع نقل موسكو الصواريخ إلى اليمن؛ تتمثل في استخدام دولة ثالثة لمحاولة إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعدم الانضمام إلى إيران في توفير الأسلحة للحوثيين.

كما بينت أن المعلومات الاستخباراتية تفيد بأن موسكو ربما تخطط لتقديم الدعم العسكري لليمن، لافتة إلى أن "التحذيرات الصادرة عن قائد القيادة المركزية الأمريكية أثارت سؤالًا حول ما إذا كان البيت الأبيض يبذل ما يكفي لوقف الهجمات في الممرات المائية".

وكان الجنرال مايكل إريك كوريلا قائد القيادة المركزية الأمريكية بالشرق الأوسط، نصح في رسالة سرية إلى وزير الدفاع لويد أوستن، بأن العمليات العسكرية في المنطقة "تفشل" في ردع هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وأن هناك حاجة إلى نهج أوسع.

وأثارت موسكو قلقًا عميقًا بين المسؤولين الأمريكيين؛ من خلال ترسيخ العلاقات مع كوريا الشمالية وإيران وتأمين مساعدة الصين في تعزيز صناعة الدفاع الروسية، وفق الصحيفة.

وبيّنت أن من شأن قرار روسيا "تسليح الحوثيين أن يمثل تصعيدًا في مواجهتها مع واشنطن، بعد أن كانت تدور حول الصراع في أوكرانيا وحده".

التحذير الروسي - في حينها - جاء بعد ساعات من تنفيذ مقاتلات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي سلسلة غارات على أهداف للحوثيين باليمن في 20 يوليو الماضي، استهدفت ميناء الحديدة ومخازن وقود، وكذا محطة كهرباء المدينة الساحلية، نتج عنها 92 قتيلًا وجريحًا ومفقودًا.

وجاءت الغارات الإسرائيلية عقب هجوم طائرة مسيرة انتحارية على مدينة تل أبيب، الجمعة (19 يوليو الماضي)، أدت إلى مقتل شخص وإصابة 8 آخرين.
  • علاقات روسية حوثية
منذ أن بدأ الحوثيون استهداف السفن في البحرين الأحمر والعربي، في نوفمبر الماضي حتى اليوم، كانت السفن الروسية في منأى عن الخطر، حيث يؤكد الحوثيون أنهم يستهدفون السفن الإسرائيلية أو التي لها علاقة بـ"إسرائيل"، إضافة إلى السفن الأمريكية والبريطانية.

خلال هذه الفترة برزت على الساحة علاقات روسية حوثية، وهو ما يمكن توقعه لوجود الحوثيين في الجانب المعادي للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، فليس من المنطقي عدم الالتفات إلى اليمن والوقوف إلى جانب الحوثيين الذين يواجهون هجمات أمريكية، ويوجهون ضربات لمصالح أمريكية في البحر، فضلًا عن هجمات على مواقع إسرائيلية.

يضاف إلى ذلك أهمية روسيا بالنسبة إلى الحوثيين، باعتبارها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، وثقلها الكبير على مستوى العالم.

وعليه، هناك العديد من المؤشرات التي تجعل الشكوك تدور حول وجود دعم روسي للحوثيين تبرز منها:

- زار وفد من الحوثيين موسكو، في يناير الماضي، وبحث الضربات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين.

- تحدث علي القحوم، القيادي الحوثي، في مارس الماضي، عن وجود تعاون بين الحوثيين وروسيا.

- في 2 يوليو الجاري، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، إنه التقى المبعوث الروسي ميخائيل بوجدانوف، وبحث معه تطورات الحرب على غزة وعمليات البحر الأحمر.

- قبل نحو 10 أيام نشرت وسائل إعلام غربية خبرًا عن رسو سفينة شحن روسية في ميناء الصليف بمدينة الحديدة، بعد أن حصلت على إذن من الأمم المتحدة.
- موقع "ميدل إيست آي" ذكر، في يونيو الماضي، أن روسيا فكرت في السابق بتقديم صواريخ "كروز" مضادة للسفن للحوثيين.
  • تهديد بوتين
الرئيس فلاديمير بوتين لوّح لواشنطن، في وقت سابق، بامتلاكه ورقة رابحة في منطقة حساسة من العالم تتمثل بالحوثيين. وأكد أنه قد يضطر إلى دعمهم، وذلك خلال تصريح، في يونيو الماضي، على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي في بطرسبرج.

جاء تهديد بوتين على خلفية إعلان عدد من الدول الغربية، وخصوصًا الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، رفع الحظر عن استخدام أسلحتها لاستهداف مواقع وأهداف على الأراضي الروسية من قبل القوات المسلحة الأوكرانية.

وقال بوتين: "نفكر في الموضوع؛ إذا كان أحد يعتبر ممكنًا توريد الأسلحة إلى منطقة العمليات القتالية لتوجيه ضربات إلى أراضينا وخلق مشاكل لنا فلماذا لا يحق لنا أن نورد الأسلحة من الصنف ذاته إلى تلك المناطق؟ حيث ستوجه ضربات إلى المواقع الحساسة لتلك الدول التي تقوم بمثل هذه الخطوات تجاه روسيا"، مشيرًا إلى أن "الرد قد يكون غير متماثل في هذا المجال".
  • صراع التوازنات الإقليمية
الباحث في مجال العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية د. علي أغوان، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين" حول التطورات في اليمن وأثرها على المنطقة وإمكانية اندلاع حرب بين روسيا وأمريكا يقول: التحذيرات الأمريكية الموجهة لروسيا تأتي في سياق ما يعرف بالضغط المباشر؛ لمحاولة إيقاف الحرب الجارية بالإنابة، خصوصًا في مضيق هرمز وباب المندب واليمن والمناطق الأخرى التي تحتك فيها إيران.

المواجهة المباشرة بين الجانبين الأمريكي والروسي غير واردة على الجانب العسكري؛ لأن الطرفين يعلمان جيدًا أن المواجهة المباشرة قد تكون مدمرة وخسائرها كبيرة، لا سيما إذا ما انتقلت إلى المستوى النووي.

يمكن أن تكون هناك مواجهات فرعية على المستوى الإقليمي وهذا ما يحدث من خلال الوكلاء؛ سواء عبر الحوثيين بتوجيههم بواسطة إيران أو تحريكهم من قبل الجانب الروسي، أو من خلال التواصل الإسرائيلي مع الجانب الأمريكي لتنفيذ عمليات مباشرة باتجاه اليمن.

الحوثيون وصلوا إلى مرحلة متقدمة من التأثير على خط التجارة الدولي في بحر العرب والبحر الحمر وقناة السويس.
التصعيد في اليمن جزء من مواجهات فرعية تحدث على المستوى الإقليمي، وتحدث على مستوى محدود في مناطق ضيقة سواء في اليمن أو "إسرائيل".

قصف "إسرائيل" لمواقع حوثية جاء ردًّا على الاستهداف المباشر للقواعد الإسرائيلية، على اعتبار أن كل شيء يحدث هو ضمن التوازنات الإقليمية في المنطقة.
كانت الرسالة واضحة أن لدى "إسرائيل" إمكانيات في ضرب العمق اليمني.

الرسالة ليست فقط للحوثيين قدر ما هي رسالة للجانب الإيراني، مفادها أن "إسرائيل" قادرة على ضرب المصالح الإيرانية في اليمن والبحر الأحمر والمناطق الأخرى.
المعادلة معقدة، وتبقى المنطقة خاضعة لتوازنات تحل خارج منطقة الشرق الأوسط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى