خطة رئيس الوزراء بتخلي الدولة عن إدارة القطاعات الإيرادية للمستثمرين

> مهما كانت وجهات النظر تجاه بن مبارك، وفشل الحكومة التي يترأسها في الكثير من النواحي، ولكننا نناقش الفكرة بكل تجرد، حقيقة أطلق فكرة جريئة لإنقاذ الاقتصاد الوطني من براثن الفساد واللصوصية التي هيمنت على معظم إيرادات الدولة ولم يستفد منها الشعب إلا بفتات مهين زاد من حجم الفقر والفاقة.

لنكن صريحين ونسترجع بعض الأمثلة الكارثية في أقطارنا العربية:

أولا: الدول الجمهورية، ومنها اليمن التي تدعي الديمقراطية وتحكم - بضم التاء - عبر أحزاب مدججة بالفسدة والفاسدين، فتنهار تلك الدول تحت ضربات النهب والسلب وتحت مرأى ومسمع حكومات الأحزاب السيئة.

لماذا تنهار تلك الدول؟ لأن الحزب به قوى قبلية واجتماعية ودينية ممتدة على ساحة الوطن، فكل مسؤول أو عضو في تلك الأحزاب خلفه قبيلة واتباع، فهو ينهب ويفتح المجال للناهبين من اتباعه، وبذلك يزيد حجم نكبة البلاد والعباد، ولن أعرج للمزيد من أمثلة البلدان العربية التي انهارت ومنها على سبيل المثال لا الحصر (اليمن، السودان، ليبيا، تونس .. وغيرها) فالعديد من تلك الجمهوريات، نرى حالة شعوبها التي دخلت في صراعات وحروب، وتفشى فيها الفكر المتطرف والفساد والإفساد، فكل ذلك أهلك الحرث والنسل، بينما الدول الملكية والأميرية في المنطقة هي أحسن حالا بل وتنعم شعوب بعضها بالرخاء والاستقرار.

ثانيا: إذا عدنا للدول العربية إبان الاستعمار، ومع تسليمنا ببشاعة الاستعمار إلا أنها في كل الأحوال كانت تنعم شعوبها ببعض الاستقرار النسبي، ولكن بعد استلام ما تسمى النخب الوطنية للاستقلال رأينا كوارث الحكم تحت مظلة الوطنية الزائفة فتدهورت الأوطان، حتى أن العديد من الناس تتباكى على عهد الاستعمار البغيض، وينطبق عليهم القول: "رب يوم بكيت منه ولما صرت بغيره بكيت عليه"، حتى أن البعض من جور الظلم والقهر تحت جبروت ما تسمى بالدول الوطنية يطالب بعودة الاستعمار.

ثالثا: عودة لفكرة عرض القطاعات الحكومية للمستثمرين، نتمنى أن تكون السيطرة على القطاعات السيادية للحكومات، وهذا ما هو حاصل في دول الخليج مع بعض الاستثمارات الباطنية لضرورات التسريع وتخفيف العبء على الحكومات، وهذا النهج ناجح لدى تلك الدول ولكن كما أسلفت الدول الجمهورية والمحكومة من الأحزاب، أرى بأن حتى القطاعات السيادية من الأجدى عرضها للاستثمار لأن التجربة أثبتت تفشي الفساد والنهب لكافة القطاعات بما فيها السيادية، ولكن بشروط مدروسة تضمن مصالح الدولة والمستثمرين، ويتم الاتفاق على نسب عائدات شفافة تعرض أمام الشعب، وتورد للخزينة العامة، وتنعكس في توفير الخدمات والأجور للعاملين في القطاعات المدنية والعسكرية، وتنعكس في تطوير البنى التحتية واستقرار الأمن والازدهار وتطوير التشريعات، الذي سيكون حافزًا للمستثمرين، وعلينا ألا نتخوف من هذا التوجه "خصخصة القطاعات الاقتصادية"، لأنه توجه عالمي حتى البلدان التي تهاوت من النظم الشمولية بدأت بتطبيق هذا التوجه وإن كان ببعض الحذر.

رابعا: فلنعتبر تطبيق الفكرة مخرجا، فحالة البلدان التي ذكرتها مدمرة اقتصاديا واجتماعيا، وهناك تدهور فضيع في قطاعي التعليم والصحة والخدمات العامة، وانعدام الأمن والعدل، فلنجرب هذا التوجه عله يكون مخرجا، ويحقق بعض النماء والاستقرار.

* اختصاصي تطوير مؤسسي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى