مركز دراسات: علاقة الحوثي بالقاعدة محكومة باتفاق وقعه وفد إيراني مع بن لادن في السودان

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> نشر مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" دراسة جديدة عن علاقة جماعة الحوثي بتنظيم القاعدة، والمشتركات الإيديولوجية بين الطرفين.

وقال المركز في دراسته التي حملت عنوان: "قاعدة اليمن والحوثي، بين "التخادم المصلحي" و"المشتركات الإيديولوجية"، أنّه مع نجاح جماعة الحوثي في السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014، دعا تنظيم (القاعدة في اليمن) إلى حمل السلاح ضد جماعة الحوثي الشيعية، متهمًا إياها بتنفيذ مؤامرة "فارسية" في اليمن. ومن ثمّ دخل الطرفان في مواجهات مفتوحة في العديد من المناطق الجغرافية في الساحة اليمنية.

وتابع: "لكن برز مؤخرًا على السطح الكثير من المشاهد التي تشير إلى حدوث تقارب بين الجانبين، على الرغم من اختلافاتهما الإيديولوجية، وتشير بعض التقارير إلى أنّ جماعة الحوثي استخدمت تنظيم (القاعدة) في العديد من المهام، خصوصًا في المناطق المحرّرة، أي مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وذلك لإحداث اختراقات أمنية وتنفيذ عمليات اغتيالات لقادة عسكريين ومسؤولين ومجاميع من قوات الأمن والجيش وأفراد المقاومة، إلى جانب التفجيرات والاختطافات.

وأكدت الدراسة على أنّ الأمر يستدعي تفكيك طبيعة العلاقة بينهما، وذلك باستعراض جذورها التاريخية، ومؤشرات التقارب الحالية، فضلًا عن المحددات الرئيسية الحاكمة لمستقبلها.

وحول جذور العلاقة التاريخية بين الجماعتين، أشارت الدراسة إلى أنّ العلاقات التاريخية بين تنظيم القاعدة وإيران، وبين جماعة الحوثي وإيران، تمثل مدخلًا مهمًّا لفهم البُعد التاريخي للعلاقة بين التنظيمين الإرهابيين.

ولفتت الدراسة إلى أنّ التواصل بين تنظيم القاعدة وإيران بدأ في أوائل التسعينيات، عندما مكث مؤسس تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن) في السودان، على خلفية قيام (حسن الترابي)، زعيم الجبهة الإسلامية الوطنية السودانية، بتشجيع المصالحة بين السنّة والشيعة من أجل هزيمة العدو المشترك المتمثل في الولايات المتحدة. وفي تلك الأثناء أرسلت إيران مبعوثاً للقاء أسامة بن لادن، وأسفر هذا الاجتماع عن "التوصل إلى اتفاق غير رسمي للتعاون بينهما"؛ وعلى إثر هذا الاتفاق قدمت إيران الدعم اللوجستي والمادي للتنظيم.

ومع أحداث 11 سبتمبر 2001، وفرت طهران ملاذًا آمنًا على أراضيها لعناصر التنظيم وقياداته خلال الغزو الأمريكي لأفغانستان 2001، وقد أتاح وجود قيادات التنظيم في الداخل الإيراني تنفيذ الكثير من العمليات المهمة، التي مثلت تحديًا للولايات المتحدة وحلفائها. وفي المقابل، أسهم الملاذ الإيراني في الحفاظ على بقاء التنظيم، وساعد الجوار الجغرافي لإيران مع أفغانستان وباكستان في توفير حرية الحركة لعناصره وأمواله. ومن ثم تميزت العلاقة بينهما بتنحية الاختلافات الإيديولوجية جانبًا مقابل تعزيز المصالح البراغماتية.

وأضافت الدراسة: "أمّا عن علاقة الحوثي وإيران، فقد تبلورت العلاقة بينهما مع سفر عدد من اليمنيين الزيديين للدراسة في مدينة (قم) الإيرانية، ومنهم (بدر الدين الحوثي) "الزعيم الروحي لجماعة الحوثيين"، بصحبة ابنيه (حسين وعبد الملك)، في الفترة من 1994 إلى 1996، ثم سافر (حسين) مجددًا إلى إيران والسودان لمواصلة تعليمه الأكاديمي، ممّا يُفسّر تأثره بالنموذج الإيراني بشقيه الديني والسياسي، والذي حاول تطبيقه بعد عودته إلى اليمن في عام 2000.

وقد أشارت تقارير مختلفة إلى بدء التواصل الفعلي بين الجانبين عام 2004، على خلفية المواجهة بين الحوثيين والحكومة اليمنية، ولفت تقرير لجنة خبراء مقدّم إلى مجلس الأمن الدولي في يونيو 2015 إلى قيام إيران بتزويد الحوثي بكميات محدودة من الدعم العسكري في عام 2009. وبعد عام 2011 لعب فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله أدوارًا حاسمة في توفير الأسلحة والتكنولوجيا والتدريب وغيرها من المساعدات العسكرية للحوثيين. وقد أظهرت الهجمات التي شنها الحوثيون، داخل اليمن وخارجه، امتلاكهم لأنواع متطورة من الصواريخ تظهر فيها البصمة الإيرانية.

وذكرت الدراسة أنّ العلاقة بين قاعدة اليمن والحوثي تعود إلى فترة التسعينيات أيضًا، ويمكن استعراضها بالعودة إلى نص الاستجواب الذي أجري عام 2010 مع (إبراهيم البنا) "مسؤول وحدة الأمن في تنظيم القاعدة في اليمن"، بعد القبض عليه في اليمن، الذي أفاد: "أقمنا شبكة علاقات جيدة مع شيوخ القبائل البدوية، وخاصة الحوثيين. كنا نبيعهم الأسلحة ونطلب مساعدتهم في توفير المأوى لأعضاء الجماعة: (الجهاد الإسلامي المصري)، ثم (تنظيم القاعدة في اليمن)، وذاك حتى وقت قريب". مضيفاً أنّ "الحوثيين ساعدوا في تهريب عناصر إرهابية إلى المملكة العربية السعودية".

وكشف أيضًا أنّه "عندما أصبح (ناصر الوحيشي) زعيمًا لتنظيم القاعدة في اليمن، بعد الهروب من السجن عام 2006، تم تكليف (محمد عمير العولقي) الذي، وفقاً للبنا، "سبق الوحيشي كزعيم للتنظيم في اليمن"، بتعزيز علاقات تنظيم القاعدة مع الحوثيين".

وفي هذا السياق، ثمّة روايات تشير إلى أنّ الفترة التي مكث فيها (حسين بدر الحوثي) في السودان، هي الفترة نفسها التي مكث فيها (أسامة بن لادن) هناك، لافتة إلى أنّ الأوّل استقبلته الجبهة الإسلامية الوطنية السودانية، والثاني تجمعه علاقات مع الجبهة ذاتها وزعيمها (الترابي).

وقالت الدراسة: ثمّة مؤشرات مختلفة تؤكد أنّ خطوط الاتصال بين (تنظيم القاعدة في اليمن) و(الحوثي) ما تزال موجودة، وأنّ التواصل بينهما يأخذ منحى تصاعديًا متعدد الأنماط، بداية من تبادل الأسرى، مرورًا بتجنب الاستهداف، وصولًا إلى التنسيق والدعم، وهو ما يمكن إيضاحه على النحو الآتي:

تبادل أسرى: تُعدّ عمليات تبادل الأسرى إحدى مؤشرات التواصل بين الجانبين، فقد أعلنت طهران في مارس 2015 عن نجاحها في تحرير (نور أحمد نيكبخت)، "دبلوماسي إيراني" اختطفه تنظيم (القاعدة في اليمن) منذ عام 2013.

وأفادت مصادر محلية أنّ إطلاق سراحه كان جزءاً من صفقة جمعت بين التنظيم والحوثي وإيران، وعلى إثرها تم إطلاق سراح العديد من قادة التنظيم في صنعاء.

وفي السياق ذاته، اعترفت بعض وسائل الإعلام المرتبطة بالتنظيم كمؤسسة (ملاحم) الإعلامية في 14 سبتمبر 2019، وصحيفة (ثبات) في 29 ديسمبر 2021، ببعض عمليات تبادل الأسرى بين التنظيم والحوثي. وأشار تقرير أممي صادر في يوليو 2022 إلى أنّ قوات الحوثي تفرج عن بعض سجناء تنظيم (القاعدة) مقابل قيامه بعمليات إرهابية بالوكالة.

وبيّنت الدراسة أنّه خلال الأعوام الـ (9) الماضية، لم تسجل أيّ عملية فعلية قام بها تنظيم (القاعدة في اليمن) ضد (الحوثي)، ممّا يشير إلى وجود حالة من التعايش، ويمكن تفسير ذلك في ضوء التوجه الذي تبنّاه (قاسم الريمي) "زعيم التنظيم السابق" منذ عام 2019، المتمثل في التهدئة مع (الحوثي) بهدف التكيف مع متغيرات الساحة اليمنية، وهو النهج الذي استمر عليه وطوّره (خالد باطرفي) "زعيم التنظيم السابق"، ولا سيّما في ضوء أجندة (سيف العدل) "القيادي في تنظيم القاعدة"، المتمثلة في تصدّر الأهداف الخارجية قائمة الأولويات، مقابل تراجع الهجمات ضد الخصوم المحليين.

أمّا عن التنسيق والدعم بين الطرفين، فقد كشفت الدراسة أنّه مع العملية التي نفذها (الحوثي) في محافظة البيضاء خلال عام 2020، ونجح في السيطرة على مساحات واسعة فيها، انسحب تنظيم (القاعدة) من محافظة البيضاء التي تُعدّ إحدى مناطق تمركزه دون قتال. وذكرت بعض المصادر المحلية أنّ التنظيم توصل إلى اتفاق مع الحوثيين للانسحاب.

هذا فضلًا عن قيام (الحوثي) بتوفير الدعم اللوجستي للتنظيم، ولفت تقرير أممي صادر في يناير 2024 إلى قيام الأخير بإنشاء وحدة متخصصة للطائرات بدون طيار، بدعم وتدريب عملياتي من الأوّل. ويعكس تزويد (الحوثي) لتنظيم (القاعدة) بطائرات بدون طيار تحولًا استراتيجيًّا في العلاقة بينهما.

وذكرت الدراسة أنّ قدرات (تنظيم القاعدة في اليمن) و(الحوثي) تمثل كل منهما رقمًا مهمًّا في استشراف مستقبل العلاقات بينهما؛ فبالنسبة إلى تنظيم القاعدة، يؤكد تقرير أممي صادر في يناير الماضي أنّه ما يزال أكثر التنظيمات الإرهابية فاعلية في اليمن، مُقدرًا عدد عناصره بنحو (3) آلاف إرهابي. لكنّه يعاني في الوقت الحالي من التراجع العملياتي نتيجة للضغوط الأمنية التي تُمارس عليه في إطار مكافحة الإرهاب، هذا فضلاً عن فقدانه عددًا كبيرًا من قياداته. وعلى صعيد التمركز الميداني، تُعدّ محافظات مأرب وأبين وشبوة الملاذات الأساسية لعناصره وقياداته.

أمّا بالنسبة إلى جماعة الحوثي، فقد أفادت وزارة الدفاع الأمريكية في فبراير 2024 بأنّ الحوثيين "ما يزال لديهم ترسانة كبيرة من الأسلحة المتطورة"، ومن ضمن هذه الترسانة صواريخ باليستية وصواريخ كروز بالإضافة إلى طائرات بدون طيار، وتقدر أعدادهم بنحو (20) ألف مقاتل. وبالنظر إلى السيطرة المدنية، يبلغ إجمالي حجم الأراضي اليمنية الخاضعة للسيطرة الحوثية نحو 22,8 % من إجمالي مساحة الأراضي اليمنية حتى ديسمبر 2023.

وعلى الرغم من القدرات العسكرية والبشرية التي يمتلكها (الحوثي)، فليس لدى عناصره تكتيكات الهجمات الانتحارية، وهو الأمر الذي يتوافر في عناصر (القاعدة) على خلفية توافر الدافع العقائدي.

وأوضحت الدراسة أنّ الساحة الإقليمية شهدت عددًا من التغيرات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب في قطاع غزة، وما نتج عنها من تنفيذ الجماعات الشيعية الموالية لإيران الكثير من الهجمات على القواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق، بجانب استهداف الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر، وهذه التغيرات تُلقي بظلالها على مآلات العلاقة بين (تنظيم القاعدة في اليمن) و(الحوثي)، وذهبت بعض الاتجاهات إلى أنّ الحرب في قطاع غزة قد تتيح الفرصة لإيجاد مساحات تعاون بينهما، ولا سيّما أنّ الطرفين دعما عملية "طوفان الأقصى".

وختمت الدراسة بالقول: إنّه بمجمل القول فإنّ المعطيات سالفة الذكر تشير إلى احتمال تعزيز التنسيق البراغماتي بين كل من (تنظيم القاعدة في اليمن) و(الحوثي)، بما يحقق نوعًا من "التخادم المصلحي" بينهما، الأمر الذي قد ينعكس في فترات لاحقة على تنسيق عمليات تستهدف الملاحة في البحر الأحمر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى