مشاورات الرياض.. هل ينقلب الحلفاء على التحالف؟

> كتب/ المراقب السياسي

>
  • من المهرة إلى تهامة.. حرب برؤوس متعددة ستشعلها مشاورات الرياض
  • لن تتوقف الحرب باليمن بوجود الفاسدين
> دشنت يوم أمس مشاورات الرياض التي ولدت بعد عملية ترويج كبيرة بأنها ستضع الحلول للأزمة اليمنية وسط غياب للحوثيين والمستقلين من الجنوب والشمال.

المشاورات التي حظيت بدعم دولي كبير من بريطانيا وأمريكا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمبعوثين الأممي والأمريكي والسويدي تأتي على خلفية فشل كل المبادرات والمشاورات والاتفاقات السابقة والتي كان الحوثيون مشاركون فيها على عكس مشاورات الأمس.. إذًا ما الذي يفعله المتشاورون في الرياض؟

هناك رأيان تجاه ما يحدث.
الأول: هو أن المملكة ضاقت ذرعًا بالحرب وطولها وتكاليفها وتحاول الوصول إلى مخرج.
والثاني: أن المملكة تحاول الإثبات للعالم بأنها حاولت سلك المسار السياسي ولم يأت بنتيجة مما سيقود إلى استعار الحرب بشكل أكثر ضراوة في قادم الأيام لسحق الحوثيين وإنهاء الحرب، وهذا سلاح ذو حدين يعتمد في أساسه الوصول إلى الاتفاق النووي مع إيران.

إن الحديث عن أن مشاورات الرياض ستأتي بحل يرسمه اليمنيون أنفسهم هو ما تم التركيز عليه منذ بداية عرض الفكرة والحديث بعيد عن الحقيقة، لأن المشاورات السابقة لليمنيين كان اسمها الحوار الوطني الذي جرى في العام 2013م والذي استغرق أكثر من 8 أشهر بمشاركة نحو 520 مشاركًا من مختلف الأطياف السياسية.. وفشل في الوصول إلى حل قضيتين أساسيتين هما "القضية الجنوبية" و"قضية صعدة" اللتان قام الحوار من أجلهما وتم تأجيل القضيتين إلى مؤتمرين منفصلين بعد اختتام الحوار وهو مالم يحدث.

بالحكم على الصور التي نشرت لمشاورات الرياض فقد طغى حضور الشمال على الجنوب حتى في جانب الإعلام، وحددت المواضيع التي سيتم مناقشتها في المشاورات وكلها مواضيع لن تفضي إلى حل سياسي في اليمن.

وبالنظر إلى ما سبق فلا يتبقى سوى الاحتمال الثاني وهو اشتعال الحرب بشكل أكثر ضراوة وبمشاركة دولية فاعلة لإنهاء الطرف المتمرد على الوصول إلى حل سياسي والرافض للسلام وهو التصنيف الذي سيكون عليه الحوثيون بعد انتهاء مشاورات الرياض.. ولا يمكن هزيمة الحوثيين في عقر دارهم طالما وأن أطراف الحرب ترفض نقلها إلى حدود الحوثيين وتستمر في تمويلهم.

إن العالم اليوم قد ضجر وملّ من الحرب في اليمن، ولم يعد هناك متسع للمجاملة أو التراخي مع اتساع المشاكل دوليًا، ولم يبق سوى فرض حل على اليمن حتى وإن لم يعجب أطراف الحرب، فهي بالأساس من أفشل كل الاتفاقات السابقة حتى اتفاق الرياض نفسه.

لكن مشاورات الرياض لن تجلب الحل للأزمة؛ فهناك الكثير من المستفيدين ماديًا من استمرار الحرب داخل جميع الأطراف المحلية والدولية المشاركة، ووقف الحرب سيتطلب وقف الفساد المستشري حاليًا عند جميع الأطراف وتجفيف مصادر الأموال الفاسدة خصوصًا قطاع النفط ومشتقاته وإعادة هيكلة الحكومة لتصبح حكومة إنقاذ بأقل التكاليف الممكنة.. وربما كان فشل مؤتمر المانحين الأخير هو البداية لعملية التجفيف هذه.

ومن الفساد أيضًا ما يحدث في قطاع الاتصالات على سبيل المثال حيث تصب أمواله إلى صنعاء والرواتب ترسل من عدن إلى صنعاء وبعد ثمان سنوات من الحرب لاتزال البطاقات الشخصية تصدر في صنعاء وترسل الموافقة منها إلى عاصمة الدولة في عدن لتطبع للمواطنين.. ويمكن القياس على هذا الأمر في كثير من الأمور فالطيران على سبيل المثال ترسل رسوم المرور للطائرات في الأجواء اليمنية إلى الحوثيين في صنعاء على الرغم من أن المجال الجوي اليمني مملوك لعدن بموجب الاتفاقيات الدولية قبل وبعد الاستقلال.

لكن العائق الأكبر أمام هزيمة الحوثيين يظل في أن الشرعية لم تستطع إدارة المناطق المحررة كدولة بل عاثت فيها فسادًا وإفسادًا حتى مس هذا الفساد حياة المواطنين في كل شيء من الكهرباء وحتى التعليم والصحة والقضاء، وأصبح المواطن تحت حكم الحوثيين رافضًا لدعم الشرعية على الرغم من أن ظروف الحياة في مناطقه ليست جيدة، ولكنه يرى في الأمن حالة أفضل.

وسيناريو استعار الحرب سيغير أطرافها أيضًا وما الاغتيالات التي تحدث في عدن إلا بداية تغير المشاركين في الحرب أنفسهم إلى مسارات وأطراف متعددة ستزيد من تشعب الأزمة وأطرافها.. وهناك أطراف ستتمرد على التحالف نفسه فاستمرار الوضع الحالي غير ممكن ودخول أطراف جديدة بإيحاء إقليمي أو دولي أمر وارد جدًا من تهامة غرباً إلى المهرة شرقاً وقد بدأت بوادر هذا الأمر فعلياً.

لن تخرج مشاورات الرياض بحلول، لكنها ستخرج بورقة بيد التحالف عنوانها "حاولنا بالسياسة ورفضها اليمنيون".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى