زيادة إنتاج النفط الأمريكي تهدد إستراتيجية التخفيض السعودية

> لندن "الأيام" العرب:

> ​تتزايد التكهنات بشأن صعوبة استمرار مجموعة أوبك+، أو البعض من أعضائها، في الالتزام بإستراتيجية تخفيض الإنتاج المتواصلة لأشهر، في ظل زيادة الإنتاج الأميركي وتنامي الخلافات داخل الكارتل النفطي.

ومن شأن زيادة الإنتاج الأميركي أن تساعد على تمكين السوق من جزء من حاجياتها، وهي خطوة ستدفع إلى تراجع الأسعار عن الحد الذي تريده أوبك+ وبصفة خاصة السعودية التي تحاول التحكم في الأسعار.

ويمكن أن يقود تعويض حاجة السوق بالنفط الأميركي إلى خلافات داخل أوبك+ فتلجأ بعض الدول إلى خرق توافق الكارتل النفطي الذي يجمع أبرز المنتجين، وهي خطوة متوقعة في ظل الحديث عن خلافات داخل المجموعة بشأن التخفيض والحصص المخصصة لكل بلد وخاصة دول الصف الثاني.

وحطّم إنتاج النفط الخام الأميركي رقما قياسيا في سبتمبر الماضي، وهو ما سلط ضغوطا إضافية على مجموعة أوبك+، التي تريد إبقاء أسعار النفط فوق 80 دولارا للبرميل، ما يسمح بتحكمها في “استقرار السوق”.

وأبرز اجتماع أوبك+ الذي انعقد الأسبوع الماضي معارضة داخل المجموعة حول تخفيضات أعمق وحصص الإنتاج. وقرر السعوديون تمديد خفضهم الطوعي الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا، وتعهدت روسيا بتعميق خفض الإمدادات من 300 ألف برميل يوميا إلى 500 ألف برميل.

وأعلن بعض منتجي أوبك+ الآخرين عن تخفيضات طوعية إضافية، مما يرفع إجمالي خفض إمدادات أوبك+ إلى 2.2 مليون برميل يوميا خلال الربع الأول من 2024.

ويقول المحللون إن قرار أوبك+ الخاص بالإمدادات، والذي لا تراه السوق مقنعا، قد ينهي العجز المتوقع في مطلع 2024 لكنه سيترك المستقبل غامضا في هذا الشأن.

وينمو العرض من خارج أوبك+ بنسق أسرع مما كان متوقعا، ويقوده إنتاج قياسي من النفط الخام الأميركي الذي تواصل ارتفاعه رغم تغيّر عدد منصات الحفر مقارنة بالعام الماضي.

وتعتقد تسفيتانا باراسكوفا، المحررة في موقع أويل برايس الأميركي، أن “أوبك+، وعلى رأسها السعودية، تواجه معضلة زيادة الإنتاج الأميركي وما تشكله من خطر تقويض جهود دعم الأسعار”.

وقال بول سانكي، من شركة سانكي للأبحاث، لشبكة “سي أن بي سي” إثر اجتماع أوبك+ الأسبوع الماضي إن إنتاج النفط الأميركي المرتفع يمثل “مشكلة كبيرة” لكارتل المنتجين.

ويرى سانكي أن الحل بالنسبة إلى السعودية قد يقتصر على التخلص من الإنتاج المرتفع من خارج أوبك+ عبر إغراق السوق بالنفط الخام وخفض أسعار النفط إلى مستويات أقل من عتبة الربح الذي يحققه الأميركيون.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية للسعودية حوالي 11.5 مليون برميل يوميا، وتنتج حاليا نحو 9 ملايين برميل. وأكّد سانكي أن باستطاعة السعودية زيادة إنتاجها النفطي بنحو 2.5 مليون برميل يوميا في غضون ستة أشهر إذا قررت ذلك.

ولن يكون إغراق السعوديين السوق بالنفط مفاجئا، حيث اتبعوا هذا النهج عام 2014 وخلال حرب الأسعار في بدايات وباء كورونا سنة 2020 حين أصبحت أسعار خام غرب تكساس الوسيط سلبية.

وقال سانكي إن ارتفاع إنتاج النفط الأميركي أصبح “مشكلة حقيقية لأوبك”.

وسجّل إنتاج النفط الخام الأميركي رقما قياسيا شهريا جديدا بلغ 13.236 مليون برميل يوميا في سبتمبر الماضي، وفقا لأحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة.

وقال فرانسيسكو بلانش، رئيس أبحاث السلع العالمية والمشتقات في بنك أوف أميركا، في حديث لرويترز “نشهد انتعاش الكثير من أحواض النفط الصخري التي كانت خاملة”.

وذكر بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش خلال الأسبوع الماضي في توقعاته لسنة 2024 أن “المخاطر السلبية على أسعار النفط تتشكل من الركود، ونمو النفط الصخري الأميركي بشكل أسرع من المتوقع، والافتقار إلى تماسك أوبك+”.

كما يعمل منتجون آخرون من خارج أوبك+ على زيادة الإنتاج، ومنهم غويانا وكندا والبرازيل.

ويقول محللون إن عدم التوصل إلى خفض جماعي على مستوى التحالف النفطي، مع مساهمة جميع الأعضاء، يمثل مصدر قلق بشأن وحدة أوبك+.

ويرى أولي هانسن، رئيس إستراتيجية السلع في ساكسو بنك، أن “اقتصار دعم التخفيضات على بعض المنتجين وغياب تخفيضات سعودية إضافية، لا يُنبئان بالتوصل إلى اتفاق على مستوى المجموعة ولا يبشران بالخير لوحدتها في المستقبل، خاصة إذا استمر تباطؤ الطلب بما يفرض المزيد من القرارات غير الشعبية والصعبة اقتصاديا”.

وتميل إيرينا سلاف، الكاتبة في موقع أويل برايس، إلى اعتبار أن أوبك وأوبك+ قد استنفدتا خياراتهما، مشيرة إلى انخفاض أسعار النفط بدلا من ارتفاعها الأسبوع الماضي على الرغم من قرار اجتماع أوبك+، معللة ذلك بأن بعض التخفيضات لن تتجاوز كونها حبرا على ورق.

وانتشرت الشكوك بعد تقارير تفيد بوجود خلافات داخلية بين أعضاء أوبك حول مستوى الإنتاج الذي يجب أن يكون لهم الحرية في تحقيقه.

ويرى البعض من المحللين مثل كلايد راسل أن هذا يشير إلى أن الطلب على النفط ليس بالقوة التي تقر بها أوبك. ويشير آخرون، مثل محلل الطاقة بول سانكي، إلى أن أوبك يمكن أن تتراجع وتخفض الأسعار لتحييد الإنتاج المتزايد الذي تحققه شركات الحفر الأميركية.

ويعتبر راسل أن جزءا كبيرا من رد فعل السوق المتشكك على التخفيضات كان بسبب أخبار الخلافات الداخلية في أوبك وأوبك+.

ويبدو أن هذا مؤشر على أن بعض أعضاء المجموعة لن ينفّذوا جميع تخفيضاتهم. ومن ناحية أخرى كان إنتاج العديد من أعضاء أوبك أقل من اللازم حتى مع حصصهم الأصلية بينما واصلت الأسعار انخفاضها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى