مسلمون حول العالم.. المسلمون في الأرجنتين

> الوجود الإسلامي في الأرجنتين بدأ منذ (140) عامًا؛ إذ بدأت الهجرات إليها من سوريا ولبنان وفلسطين ولكن هذه الهجرة ما لبثت أن انقطعت عن الأرجنتين لمدة طويلة حتى تفوق المسلمون من غير الأصول العربية من باكستان وبنجلاديش والهند حتى وصلت نسبتهم إلى 55 % من أعداد المسلمين هناك يقابلهم وجود عربي بنسبة 45 %.

كان وصول الإسلام إلى الأرجنتين أول الأمر مشابها لوصوله في الدول التي كانت تحت الاحتلال الإسباني بأمريكا الجنوبية، وتمثل هذا الوصل في دخول بعض المسلمين من الأسبان، ولم يبق من آثار هذه الفئة غير التأثير الأدبي الذي يظهر في الآداب الأرجنتينية، ثم بدأت هجرة حديثة للمسلمين من بلاد الشام في أواخر القرن التاسع عشر، واتسع نطاق هذه الهجرة في القرن العشرين، خصوصًا بين الحربين العالميتين، وتكاثر عدد المسلمين حتى أصبحت نسبتهم 1.3 % من مجموع السكان، ومعظم المسلمين من أهل السنة، ومنهم حوالي 7 ألف من الشيعة والعلويين، وينتمون إلى سوريا ولبنان، ومعظم المسلمين بالأرجنتين اليوم من الأجيال التي ولدت بأرض المهجر، وقليل منهم من الأجيال القديمة التي هاجرت إلى البلاد، لذا فصلة الأجيال الحديثة بالعالم العربي والعالم الإسلامي ضعيفة، وتعاني الأقلية المسلمة من انقطاع هذه الصلة وضعف الروابط، ويخشى على هذه الأقلية من الذوبان والانصهار داخل المجتمع الأرجنتيني.

وانتقل الإسبان والبرتغاليون إلى العالم الجديد وهم يعرفون الثقافة الإسلامية جيدًا بسبب الحكم الإسلامي لمنطقتهم لمدة 800 عامًا، فبعضًا منهم هاجر مع موجات النزوح الأولى واستوطنوا مستعمرة الأرجنتين. كما شهد القرن 16 والقرن 17 هجرة عدد من المورسكيون فرارًا من محاكم التفتيش. القرن 20 عرف هجرات عربية عديدة للأرجنتين، أبرزها من سوريا ولبنان. يقدر عدد الأرجنتينيين ذوي الأصول العربية اليوم بحوالي 3500000 نسمة. بالرغم من أن معظمهم من المسيحيين واليهود الشرقيين، إلا أن ربعهم مسلمون. يعد الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم من المسلمين سابقًا، ولم يعتنق الكاثوليكية إلا عندما أراد الترشح للرئاسة

لا تعترف الحكومة الأرجنتينية بالأقلية المسلمة رغم وجود عدد من المسلمين الأرجنتينيين بالجيش، كذلك في بعض مناصب الحكم بالولايات، وهناك عدد كبير من المسلمين المخلصين، ولكن ينقصهم الوعي الإسلامي، ورغبتهم قوية نحول العمل الإسلامي وبث الدعوة الإسلامية، ولو أرسل لهم عدد من علماء الدين الذين يجيدون اللغة الأسبانية، لكانت حصيلة الدعوة الإسلامية ممتازة في هذه البلاد.

تعتبر الأرجنتين إحدى أبرز الدول التي يعيش بها مسلمون في قارة أمريكا اللاتينية، وتعتبر هذه الدولة نموذجًا للتعايش بين الديانات كافة، وأرضًا خصبة لحوار الثقافات، تتميز الأرجنتين بحالة من التعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وهو ما يمكن أن يعزى إلى استقائهم للمبادئ الإنسانية وجعلها القاعدة الأساسية في حوارهم المجتمعي بغض النظر عن الدين والعرق. وتمثل الأرجنتين نموذجًا جيدًا يُحتذى به في هذا المجال، حيث يُعقد في العاصمة الأرجنتينية "بوينس آيرس" بين الحين والآخر وبصفة مستمرة لقاءات للحوار بين ممثلين عن الديانات من المسلمين والمسيحيين واليهود، يُظهر الجميع من خلالها قدرًا كبيرًا من التسامح. وتسهم هذه الملتقيات في ترسيخ قيم التسامح والسلام بين الأرجنتينيين في معاملاتهم اليومية وفي مجالات العمل.

من ناحية أخرى فإن القوانين الموجودة في الأرجنتين والخاصة بالأديان تضمن التعايش والحقوق لكل الطوائف والثقافات، ويعيش المسلمون في الأرجنتين مرحلة من الاندماج والتعايش مع ثقافات المجتمع وطوائفه ومعتقداته، كما تحرص المرأة المسلمة على ارتداء الحجاب والزي المناسب، وفي هذا السياق يحتفل اتحاد النساء المسلمات بالأرجنتين باليوم العالمي للحجاب في العاصمة، ويعكس هذا الاحتفال نضال المرأة المسلمة في سبيل الاحتفاظ بهويتها الدينية.

أما الاتجاهات المعادية للأقلية المسلمة بالأرجنتين، تتمثل في التحديات النصرانية واليهودية، والتعصب للقومية، وأهم متطلبات الأقلية المسلمة الحاجة إلى الأئمة الذي يجيدون اللغة الأسبانية، وكذلك الحاجة إلى المعلمين لتدريس الدين الإسلامي.

ويعاني المسلمون في الأرجنتين مشاكل عديدة من أهمها افتقادهم التواصل مع العالم الإسلامي، وتراجع الوعي الديني، وافتقادهم للدعاة المجيدين للغة الإسبانية، واحتياجهم إلى أعداد كبيرة من المصاحف المترجمة للغة نفسها، بالإضافة إلى عدم وجود قناة فضائية إسلامية ناطقة باللغة الإسبانية تتواصل مع مسلمي الأرجنتين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى