مزايدات سياسية تهدّد بإخراج أزمة الكهرباء في عدن عن نطاقها

> عدن "الأيام" العرب اللندنية:

> ​استشعرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برئاسة أحمد عوض بن مبارك خطورة الاحتقان الشعبي الذي تسببت فيه أزمة الكهرباء الحادّة التي شهدتها مؤخّرا محافظة عدن وعدد من المناطق التابعة للسلطة الشرعية اليمنية، واعتمدت خطابا ليّنا لتهدئة غضب السكان، معترفة بوجود تقصير في إدارة ملف الكهرباء ومقدّمة الاعتذار لهم.

وجاء ذلك في وقت تحوّلت فيه أزمة الكهرباء إلى موضوع للمزايدة السياسية وتصفية الحسابات، وخصوصا من قبل جماعة الإخوان المسلمين الممثلة في اليمن بحزب التجمّع اليمني للإصلاح، والذي شنّ الإعلام التابع له حملة اتهامات للمجلس الانتقالي الجنوبي بتحمل مسؤولية الأزمة.

وعبّر سلطان العرادة القيادي في حزب الإصلاح الذي يشغل منصب محافظ مأرب عن دعمه لـ”عدن لأنها عاصمة الدولة”، وذلك في خطاب معاكس تماما لخطاب الانتقالي الذي يعتبر المدينة عاصمة لدولة الجنوب المستقلّة التي يعمل على استعادتها.

وقال مصدر سياسي في عدن إنّ دخول الإخوان على خطّ أزمة الكهرباء يحمل مخاطر إخراج الغضب الشعبي عن سياقه المطلبي المشروع، باتّجاه إدخال عدن في دوامة من عدم الاستقرار.

واعترف الانتقالي الجنوبي، من جهته، بمشروعية غضب الأهالي من أزمة الكهرباء وطالب عبر قيادة إدارة أمن عدن بعدم إخراج الاحتجاجات عن نطاقها القانوني السلمي وبتجنّب “الاعتداء على مصالح المواطنين وممتلكاتهم أو السماح لأي طرف باستغلال الغضب الشعبي من أجل القيام بالتخريب والإضرار بالمنشآت العامة أو الخاصة”.

وخصصت هيئة رئاسة المجلس جانبا من اجتماعها الذي عقدته الخميس برئاسة عيدروس الزبيدي للنظر في “تطورات الساحة المحلية والغليان الشعبي المتصاعد جراء تدهور الأوضاع الخدمية والاقتصادية وفي مقدمتها قطاع الكهرباء”.

وجدّدت الهيئة وفق بيان أصدرته إثر الاجتماع “تأكيدها على موقفها الثابت إلى جانب أبناء الشعب في المطالبة بحقوقهم المشروعة، والتعبير عن غضبهم ورفضهم للوضع القائم بالطرق السلمية، مطالبة في ذات السياق مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بتحمّل مسؤوليتهما تجاه المواطنين، وإيجاد حلول سريعة ومستدامة لهذه المعضلات المستفحلة”.

ويعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي أنّه إلى جانب سكان مناطق الجنوب الطرف الأكثر تضرّرا من تردي الخدمات في تلك المناطق، محمّلا السلطة اليمنية المعترف بها دوليا مسؤولية ذلك.

لكن الحكومة الشرعية بدت شديدة الارتباك إزاء أزمة الكهرباء وما بلغته من حدّة أثارت غضب الشارع.

وفي ظل قلة الخيارات بسبب الأزمة المالية المستفحلة اعتمدت حكومة أحمد عوض بن مبارك خطابا شديد اللين والمرونة. واعترف رئيس الحكومة بالمسؤولية عن الأزمة داعيا السكان إلى الصبر في انتظار إيجاد حلول لها.

وقال بن مبارك لوسائل إعلام محلّية إنّه يدرك معاناة الناس ويحس معنى أن تنقطع الكهرباء لمدة 15 ساعة في اليوم، مؤكّدا عدم انفصاله عن هذا الواقع مطلقا وأنه يتابع أوضاع المواطنين عن كثب.

وأشار إلى أنّ اجتماعاته الأخيرة انعقدت في مقرات لا تتوفر فيها خدمة الكهرباء، مضيفا قوله “يجب أن يدرك الناس أن هذه تركة كبيرة وتراكم لفترة طويلة حصلت فيها إخفاقات كبيرة جدا لأن ملف الكهرباء لم يدر بطريقة صحيحة، وهناك إشكاليات كثيرة لأن المعالجات كانت خلال الفترة الماضية عبارة عن فزعات وليست ضمن خطط إستراتيجية وتوجهات سليمة وقد رتّبت التزامات باهظة على الدولة”.

وقدّر رئيس الحكومة اليمنية حجم ما أنفق على الكهرباء خلال العام الماضي بأكثر من تريليون وعشرة مليارات ريال، ذهب معظمها إلى شراء المشتقات النفطية بينما لم يخصص منها شيء يذكر للصيانة والاستثمار.

وذكر أنّ واحدا وثلاثين في المئة من إيرادات الدولة تستهلكها الكهرباء، واصفا ما يجري في القطاع بالنزيف الذي يجب وقفه.

واعترف بن مبارك بوجود ضغوط شعبية على حكومته مستدركا بالقول “يعلم الله أني صادق في إصلاح هذا الملف وأريد بشكل حقيقي أن أوقف النزيف مع كل المخلصين في الحكومة وبدعم كامل من مجلس القيادة”.

وكان رئيس مجلس القيادة قد أرجع الأزمات المالية والخدمية التي تواجهها مناطق الشرعية إلى الهجمات التي يشنّها الحوثيون على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية.

وقال إنه وباقي أعضاء المجلس والحكومة “يدركون تماما حجم المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، بما في ذلك الآثار المؤلمة للاختناقات المتكررة في إمدادات الطاقة الكهربائية مع دخول فصل الصيف”، مؤكّدا اهتمامه البالغ بحل عاجل لأزمة الكهرباء ومذكّرا بـ”توجيهاته إلى الحكومة بضمان عدم تكرارها واستدامة توليد الطاقة وعدم الركون إلى حلول مؤقتة ومواصلة العمل من الداخل للوفاء بكافة الالتزامات الحتمية للدولة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى