تفعيل «ستارلينك» يُثير جدل في اليمن ويدخل كورقة جديدة إلى حلبة الصراع

> "الأيام" القدس العربي:

>
​أثار إعلان إيلون ماسك، مالك شركة “سبيس أكس”، تفعيل الإنترنت الفضائي “ستارلينك” في اليمن كأول دولة في الشرق الأوسط توفر الوصول الكامل للإنترنت، حالة من الجدل بين اليمنيين، لا سيما بعد إعلان الحكومة المعترف بها دوليًا، الأربعاء، تفعيل الخدمة رسميًا في مناطق نفوذها، وتحذير حكومة “أنصار الله” لكافة المواطنين من التعامل مع خدمات “ستارلينك”، باعتبارها “انتهاكًا للسيادة الوطنية وتهديدًا للأمن القومي”.

وكانت الحكومة المعترف بها دوليًا قد أعلنت، الأربعاء، تفعيل خدمة إنترنت” ستارلينك” بشكل رسمي في اليمن، مؤكدة أنها ستعلن لاحقًا عن أسعار الاشتراك والباقات. فيما اعتبرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في حكومة “أنصار الله” بصنعاء “أن تقديم خدمات الإنترنت من قبل شركة أجنبية في أي منطقة في الجمهورية اليمنية يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي اليمني، ويقوّض القدرة على حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم”.

وحذرت الوزارة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، كافة المواطنين من التعامل مع شركة “ستارلينك” التي تقدم خدمات الإنترنت الفضائي “كون خدماتها غير قانونية”.
وشددت على أنها ستتخذ “كافة التدابير اللازمة لحماية سيادة البلاد وأمنه ومنع أية محاولات للمساس باستقلال البلد واستقراره”.

وعبرت عن إدانتها ورفضها لقيام من سمتهم مرتزقة العدوان على اليمن، في إشارة إلى الحكومة المعترف بها، بالسماح لشركة “ستارلينك” بتقديم خدمات الإنترنت الفضائي، “في المناطق المحتلة”.

فيما اعتبر عضو مجلس القيادة الرئاسي في الحكومة المعترف بها، عبد الرحمن المحرمي، في “تدوينة”، أن “تفعيل الإنترنت الفضائي “ستارلينك” خطوة مهمة نحو تعزيز التنمية والتواصل في بلادنا، وتوفير خدمة أكثر أمانًا؛ ويعكس تطلعنا لمستقبل مشرق يتكاتف فيه الجميع لبناء وطن مزدهر ومتصل بالعالم”.

وبدأت وزارة الاتصالات في الحكومة المعترف بها في مارس 2024 بمنح تراخيص للشركات التي تعمل في مجال الإنترنت الفضائي.

وأعلنت المؤسسة العامة للاتصالات بعدن في الأول من سبتمبر إطلاق المرحلة التجريبية الرسمية من خدمة ستارلينك (الإنترنت الفضائي) في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها، “بعد قيام مؤسسة الاتصالات وشركة ستارلينك باستكمال كافة الإجراءات القانونية، واستيفاء الاشتراطات الفنية، وإتمام الإجراءات التعاقدية التجارية، والتوقيع على اتفاقية ترخيص الخدمة في مطلع شهر يناير الماضي، لتصبح مؤسسة الاتصالات وكيلًا معتمدًا لشركة ستارلينك بالأراضي اليمنية”.

وبموجب الاتفاقية الموقعة بين ستارلينك ومؤسسة الاتصالات في عدن، فإن رسوم قيمة التردد سيتم تحديدها لاحقًا، وفق ما تم تسريبه من الاتفاقية، أما قيمة الترخيص فهو مبلغ 25 ألف دولار بواقع خمسة آلاف دولار عن كل سنة ستحصل عليها وزارة الاتصالات بالإضافة إلى 20 دولارًا عن كل جهاز طرفي للمستخدم تبيعه شركة ستارلينك، وثلاثة دولارات شهريًا عن كل عملية تسديد جهاز طرفي للمستخدم.

مما يعني أن وزارة الاتصالات بعدن ستحصل على إيرادات جديدة من الإنترنت، بينما لم تكن في السابق تحصل على أي مبلغ يذكر، لأن إيرادات خدمات الإنترنت والاتصالات مرتبطة بوزارة الاتصالات بصنعاء.

وسخر محمد سعيد، من التحذير من “خطر الإنترنت الفضائي (ستارلينك) وكأن الإنترنت الآتي من الكابلات البحرية خدمة يمنية ولا تشكل خطرًا أمنيًا”. وقال: “الإنترنت ملكية حصرية للولايات المتحدة الأمريكية في الجو أو البحر منذ البداية وإلى اليوم، بقدرة المالك جمع معلومات وبيانات وأنشطة أي إنسان بلمح البصر حول العالم”.

وكتب علي مطر القاضي أن “الإنترنت الفضائي أغلى من الأرضي بكثير، لكن إيلون ماسك حصل على دولة الإنترنت الأرضي فيها أغلى من الفضائي حقه بعشرة أضعاف، فقرر أنه يزودها بهذه الخدمة، لأنه متأكد أن الناس سيشتركون معه بالراحة، هذا هو السبب”.

واعتبر زكريا الرميمة “أن خدمة ستارلينك أكبر خدمة تجسسية تعمل لصالح العدو الأمريكي، ويعتبر تواجدها في اليمن كارثة على الأمن ونحن في حالة حرب وعدوان وحصار، ويجب منعها بأي طريقة”.

وقال محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لـ”انصار الله”: “إعلان السفارة الأمريكية البدء في تشغيل الإنترنت الفضائية في اليمن عبر شركة ستارلينك يؤكد علاقة هذه الخطوة بالحرب التي تشنها أمريكا على اليمن مما يهدد بتوسيع رقعة الصراع لتطال مدارات الفضاء الخارجي لأول مرة في التاريخ”.

فيما اعتبر أبو الحارث العفاري، أن إعلان شركة ستارلينك توفير خدمات الإنترنت الفضائي في اليمن “خطوة تثير القلق والريبة”. وقال: “ورغم ما قد يبدو للبعض أنه تطور إيجابي في مجال الاتصالات، إلا أن هذا الحدث يحمل في طياته أبعاداً خطيرة ومؤامرات خفية تستهدف أمن وسيادة اليمن”.

بلا شك أن تشغيل خدمات الإنترنت الفضائي “ستارلينك” في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها يأتي ضمن أدوات الصراع ووسائل الحرب الاقتصادية للحكومة المعترف بها ضد حكومة “أنصار اللهّ” في صنعاء، بهدف الحد من إيرادات وزارة الاتصالات في صنعاء من خدمات الإنترنت، التي ما زالت تحت سيطرة وزارة الاتصالات في صنعاء، منذ بدء الحرب في مارس/ آذار عام 2015.

وطيلة الفترة الماضية من الحرب المستعرة لم تستطع وزارة الاتصالات في الحكومة المعترف بها الحد من تحكم صنعاء في إيرادات وسرعات الإنترنت الأرضي، فكان تشغيل خدمات الإنترنت الفضائي وإتاحته للعامة هي الوسيلة للحد من إيرادات وتحكم السلطة في صنعاء في الإنترنت، بما فيها المناطق الواقعة في نفوذ الحكومة، خاصة مع الكلفة المرتفعة للإنترنت الأرضي وسرعته المتردية.

وأعلنت مؤسسة الاتصالات في الحكومة المعترف بها أن تفعيل هذه الخدمات “يأتي في إطار جهود الوزارة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراع وتحسين خدمات الاتصالات في ظل الظروف الراهنة”.

لكن من المتوقع أن ينحصر استخدام إنترنت ستارلينك في مناطق نفوذ الحكومة ويصبح حكرًا على ذوي مستويات الدخل المتوسط والعالي، لأن أسعار الأجهزة والمستلزمات الخاصة مرتفعة مقارنة بالمستويات المعيشية للناس، لكنه في الوقت ذاته سيكون له تأثيره على الإنترنت الأرضي من حيث أسعاره وكلفته، ومن الطبيعي أنه سيدفع مؤسسة الاتصالات في صنعاء إلى تخفيض التعرفة ورفع السرعة.

وشددت وزارة الاتصالات في صنعاء على أنها “ستتخذ كافة التدابير اللازمة لحماية سيادة البلاد وأمنها ومنع أية محاولات للمساس باستقلالها واستقرارها”.
مما يعني أنها لن تسمح بدخول الأجهزة والأدوات الخاصة بخدمات إنترنت “ستارلينك” إلى مناطق سيطرتها.

واعتبرت إدخال هذه الخدمات إلى اليمن “انتهاكًا صارخًا لسيادة اليمن ويشكل في ذات الوقت تهديدًا كبيرًا لأمنه القومي، فضلًا عن أنه يضر بنسيجه الاجتماعي”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى