هل يقبل الغرب بحركة الشباب كأمر واقع في الصومال مثلما قبل بطالبان؟

> هشام النجار:

> ​كشف نشاط دعائي وتدريبي مكثف لحركة الشباب الصومالية الموالية لتنظيم القاعدة عن خطط ترمي إلى محاولة إنهاء الحرب الجارية مع الحكومة المركزية في مقديشو لصالحها، مراهنة على أن الانتصار العسكري قد يقود الغرب إلى التعامل معها كأمر واقع كما تعامل مع حكم حركة طالبان في أفغانستان.

وسعت حركة الشباب إلى تصوير عناصرها ومقاتليها على أنهم يتلقون التدريب والإعداد النهائي تمهيدًا لشن هجوم شامل للاستيلاء على الحكم في مقديشو، خاصة أن الجيش الصومالي لا يزال يفتقر إلى الكفاءة القتالية، ما يشبه الحالة التي كانت عليها أفغانستان بمختلف مكوناتها قبل أن تسيطر طالبان على الحكم في كابول.

ووضعت الحركة احتمال قبول المجتمع الدولي التعامل معها سياسيا، كما جرى التعامل مع الأمر الواقع في أفغانستان، لكنها تعي أن المقارنة في مسألة الاعتراف قد تستغرق وقتا، نظرا إلى اختلاف البيئة الإقليمية والمكونات؛ لذلك تحاول الحركة تغيير العيوب إلى مزايا، مستفيدة من التعقيدات الراهنة في منطقة القرن الأفريقي، والتي بات الصومال رأس حربة فيها.

وشرح مقطع فيديو جديد مدته قرابة الساعة كيف شكلت حركة الشباب للمرة الأولى وحدة قتالية تعد بمثابة قواتها الرئيسية داخل مركز تدريب خاص بها تحت عنوان “أكاديمية أسامة بن لادن العسكرية”، مُظهِرة العشرات من المسلحين وهم يتلقون تدريبات متقدمة على استخدام الأسلحة الأوتوماتيكية وقيادة القوارب والسباحة والانزلاق بالحبال وقراءة الخرائط والتضاريس وغير ذلك من التدريبات والمهارات القتالية والميدانية.

وتحاكي التدريبات التي تضمنت تكتيكات الاغتيال والاختطاف واستخدام الأسلحة المشتركة والمركبات التقنية بدلًا من المدرعات التقليدية، خطط طالبان بوصفها نموذجا لما تأمله حركة الشباب في الصومال، حيث سُمع في الفيلم مع خطب قادة القاعدة نشيد باللغة البشتونية أنتجته في الأصل حركة طالبان.

وتشبه الصور المعروضة في الفيلم بوضوح معسكرات تدريب القوات الخاصة التابعة لطالبان التي وثقتها الحركة في أوائل عام 2021، أي قبل أسابيع من بدء هجومها لبسط نفوذها على كامل أراضي أفغانستان، وهو ما تخطط حركة الشباب لاستنساخه في الساحة الصومالية.

وتجد حركة الشباب أن الجيش الصومالي في موقف ضعف مقارنة بالجيش الأفغاني الذي أمدته الولايات المتحدة بمختلف الأسلحة، في حين أدى ضعف قدرات الصومال المالية إلى عجزه عن استيراد المزيد من الأسلحة بعد رفع الحظر الأممي، بينما عززت الحركة قوتها التسليحية عبر التهريب.

وتخطط الحركة لجعل بعض عوامل قوة الجيش الصومالي تصب في مصلحتها مثل تفعيل القرار الأممي بشأن رفع حظر الأسلحة المفروض على البلاد منذ عام 1992.

وروجت لفرضية الاستفادة لاحقًا من الأسلحة والزي الرسمي والذخيرة التي سيتم توافرها بكثرة خلال الفترة المقبلة بعد استيلائها على مناطق كانت تحت سيطرة الجيش، ضمن محاكاة تفصيلية للسيناريو الأفغاني، وثبت أن الحركة نجحت في اختراق بعض الدوائر الحكومية الصومالية وزرعت أتباعًا لها داخل وحدات في الجيش، كما فعلت طالبان.

ويتبين من خلال تحليل فقرات الفيديو الأخير أن حركة الشباب راغبة في الانتقال إلى مركز متقدم في صراعها مع الجيش الصومالي عبر تعبئة وحشد مناصرين جدد بالداخل وتعزيز مناطق سيطرتها في وسط البلاد وجنوبها، وتحفيز حلفائها في الإقليم على تقديم المزيد من الدعم والمساندة ورفع معنويات مقاتليها، علاوة على طرح نفسها كفاعل رئيسي في شرق أفريقيا بما يعزز مكانتها في الساحة الإرهابية الإقليمية والعالمية.

وتراهن حركة الشباب على تصعيد يرجحه البعض من المراقبين في منطقة القرن الأفريقي ربما يقود إلى اندلاع حرب إقليمية، آملة أن تجد في المزيد من الصراعات بالمنطقة المضطربة أمنيا منذ سنوات مجالا مضافا لتوسيع رقعة عملياتها الإرهابية، ما يعزز قدرتها على تعبئة عناصرها وتكثيف هجماتها النوعية ليس فقط لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدتها لصالح القوات الحكومية مؤخرا، وإنما أيضا لشن الهجوم الشامل النهائي من أجل الاستيلاء على السلطة.

وبحلول ديسمبر المقبل، وهو موعد خروج  بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية لحفظ السلام في الصومال (أتميس) قبل أن تتمكن البعثة الجديدة من استكمال استعداداتها في يناير المقبل، من المرجح أن تتضاعف الهجمات الإرهابية لحركة الشباب، أملا في تكرار تجربة طالبان بأفغانستان وفقا لخططها المعلنة؛ ما يعني حاجة الجيش الصومالي إلى كفاءة قتالية عالية، وتعاون بينه وبين قوى إقليمية وازنة من أجل مواجهة هذا السيناريو، وحماية أراضي الدولة وسواحلها من تهديدات تمثلها حركة الشباب والمستفيدون من تغولها، إذ وضح أنها تتدرب جيدا على هجومين -بري وبحري- متزامنين.

وتتجه الأنظار إلى تركيا التي تضع ضمن أولوياتها حماية نشاطها الجديد المتعلق بالتنقيب عن الغاز والنفط قبالة سواحل الصومال عبر تخفيض خطر حركة الشباب إلى حده الأدنى، وقد تعرضت القاعدة العسكرية التركية في السابق لهجمات من قبل الحركة، وأخرى طالت سفارة تركيا في مقديشو، ومكتب الطيران الخاص بها، وعددا من رجال الأعمال الأتراك.

كما تتجه الأنظار إلى مصر التي تمتلك حضورا محدودا ضمن أتميس، وأرسلت بعض الأسلحة بهدف دعم مقديشو لحسابات تتعلق بمناكفة إثيوبيا، وفي هذه الحالة يبرز السؤال التالي: هل ستغامر القاهرة بالمشاركة في حرب ضد حركة الشباب، أم ستنأى بنفسها عن معركة سيكون من الصعب السيطرة على تعقيداتها على المديين المتوسط والبعيد؟.
العرب اللندنية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى