إثيوبيا والصومال.. ومن الأطماع ما يشعل الحروب

> مروى محمد إبراهيم:

>
«المشاكل لها قرون يجب الإمساك بها، وليس الذيول» مثل صومالي قديم يشير إلى أن الكارثة يمكن منعها ولكن ليس من السهل السيطرة عليها، يبدو مناسبًا للغاية لشرق إفريقيا الآن. لقد وصلت المشاكل بالتأكيد، وبفضل طموحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد التوسعية وخططه المتهورة، أصبحت منطقة القرن الإفريقي على وشك حرب من شأنها أن تعرض المنطقة للخطر، وتعيدها إلى الوراء في مواجهة بقية العالم. ولابد من وقفها قبل فوات الأوان.

هكذا حذرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قبل أسابيع من الصراع المتصاعد في شرق إفريقيا بين الصومال وإثيوبيا، حيث وجهت الصحيفة الشهيرة أصابع الاتهام إلى إثيوبيا وطموحاتها التي تنتهك سيادة دولة مجاورة.

وأوضحت الصحيفة أن هوس آبى أحمد بجعل إثيوبيا دولة ساحلية هو نقطة البداية لأزمة لا أحد يدرك مداها. ففي العام الماضي، أعلن أن إثيوبيا لا يمكنها أن تظل دولة غير ساحلية. ويجب أن يكون لها حق الوصول إلى البحر، إما عن طريق التفاوض أو بالقوة.

ويبدو أن الصومال، والتي تعتبر واحدة من الدول الساحلية الخمس التي تحد إثيوبيا، هي الهدف الواضح. ففي الأول من يناير الماضي، وقع آبى أحمد على مذكرة تفاهم مع رئيس «أرض الصومال»، وهي جمهورية انفصالية معلنة من جانب واحد في شمال غرب الصومال غير معترف بها من جانب أي دولة أخرى.

في مقابل الاعتراف الرسمي بـ «أرض الصومال»، ستحصل إثيوبيا على قاعدة بحرية بطول 12 ميلًا على خليج عدن. وسيحصل آبى أحمد على ساحله الذي يحلم به. وهو ما يعتبر انتهاكًا واضحًا لسيادة الصومال وسلامة أراضيه، مما يعيد إلى الأذهان تاريخًا طويلًا من الصراع والنزاعات في المنطقة. وبطبيعة الحال، رفض الصومال على الفور مذكرة التفاهم وشن هجومًا دبلوماسيًا، موضحًا للدول الإقليمية والقوى الدولية أن إثيوبيا تسعى إلى السيطرة على الأراضي الصومالية من خلال وسائل غير قانونية.

وأيدت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي موقف الصومال، مؤكدة على ضرورة احترام الحدود الراسخة والسيادة الوطنية. ولكن تمسك إثيوبيا بموقفها الذي يمثل انتهاكا للقانون الدولي، دفع مقديشو إلى تصعيد لهجتها واللجوء إلى التهديد الصريح. ولا أدل على ذلك من تأكيد وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي على ضرورة مغادرة القوات الإثيوبية أراضي الصومال بحلول نهاية العام الجاري، وهو موعد انتهاء تفويضها ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية.

ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن وزير الخارجية الصومالي تأكيده أن بقاء القوات الإثيوبية بعد نهاية عام 2024 سيعتبر احتلالًا عسكريًا، مشيرًا إلى أن الحكومة الصومالية ستتعامل مع هذا الوضع بكل الوسائل المتاحة لها. كما أن وزير الخارجية الصومالي كشف عن محاولة رئيس الوزراء الإثيوبي لعقد محادثات مباشرة مع الرئيس الصومالي، إلا أن الأخير رفض هذا الطلب، كما نقل تقرير «القاهرة الإخبارية» عن الوزير قوله إنه في حال فشل الجولة القادمة من المفاوضات، فإن الحكومة الصومالية ستتخذ قرارًا بعدم إضاعة المزيد من الوقت في مسار تفاوضي غير مُجدٍ. وحذر «إن طموحات أديس أبابا لا تقتصر على الحصول على موانٍ فحسب، بل تمتد إلى السيطرة على الأراضي الصومالية وضمها إلى سيادتها». ونقل أيضًا إشارة الوزير إلى أن إثيوبيا ترفض اللجوء إلى التحكيم وفقًا لقانون البحار التابع للأمم المتحدة، وتصر على وجود دائم ومستمر في المياه الإقليمية الصومالية.

إن الأحداث تتصاعد بسرعة في منطقة القرن الإفريقي، وعدم احترام إثيوبيا لسيادة دول الجوار على أراضيها يأتي بمثابة تصعيد للتوتر قد يصل إلى حد إشعال نزاع عسكري، المنطقة ككل في غنى عنه. فهل تستمع أديس أبابا إلى صوت العقل وتتجنب المزيد من التوترات في إقليم يعاني من تبعات حروب وأزمات مشتعلة بالفعل؟

"الأهرام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى