​الصومال يمسك العصا من المنتصف: يشيد بالإمارات ويصعّد مع إثيوبيا

> مقديشو "الأيام" العرب اللندنية:

> قطعت إشادة الصومال بالدور الحيوي الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال مكافحة إرهاب حركة الشباب الصومالية، الطريق على من حاولوا توظيف العلاقات القوية بين أبوظبي وأديس أبابا في إثارة مشاكل جديدة مع مقديشو، وعزّزت الرؤية الصومالية والقناعات بإمكانية أن تلعب دولة الإمارات دورا مهما في منع تصعيد التوتر الحاصل بين الصومال وإثيوبيا وفي المنطقة القريبة منهما.

وأكد وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي أن الإمارات تشارك الصومال في القتال ضد حركة الشباب الإرهابية، “وحليفة لمقديشو”، وأن طائرات مسيّرة إماراتية تشارك بقوة في الضربات الجوية ضد حركة الشباب.

ويرى مراقبون أن معلم فقي سعى لإمساك العصا من المنتصف، فهو وإن كان يتمسك بالتصعيد مع إثيوبيا والتلويح بدعم المتمردين المناوئين لها، فهو يشيد بالإمارات ودورها في دعم الصومال، مشيرين إلى أن رسالة الطمأنة الصومالية موجهة إلى مصر، التي تريد أن تلعب دورا في الملف الصومالي، بأن دورها لا يتقاطع مع أدوار أخرى.

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة إن تصريحات وزير خارجية الصومال تؤشر على “الدور المهم والواضح لدولة الإمارات في منطقة القرن الأفريقي، بما لديها من استثمارات كبيرة ومصالح مشتركة مع دول هذه المنطقة، تسعى للحفاظ عليها ودعم الاستقرار، ما يجعل لأبوظبي أدوارا مركبة، تطال منطقة البحر الأحمر التي تعاني من أوضاع مضطربة في الوقت الحالي”.

وأضاف في تصريح خاص لـ”العرب” أن دولة الإمارات يمكن أن تلعب دور الوساطة بين الصومال وإثيوبيا على إثر الخلاف الواقع بينهما بشأن القاعدة العسكرية الإثيوبية في إقليم أرض الصومال، وأن تدخل على خط وساطات أخرى تقوم بها جيبوتي وتركيا في الخلاف ذاته.

وعقدت المجموعة الوزارية المعنية بمتابعة تنفيذ قرار مجلس الجامعة العربية الوزاري حول دعم الصومال في مواجهة الاعتداء على سيادته ووحدة أراضيه اجتماعا في القاهرة الأسبوع الماضي، أكدت فيه أن إقليم أرض الصومال “جزء لا يتجزأ من جمهورية الصومال، وأن أيّ ترتيبات متعلقة بهذا الإقليم ينبغي أن تكون ناتجة عن الحوار السياسي ما بين أبناء الشعب الصومالي الواحد”.

وأبدت المجموعة العربية تضامنا مع حق جمهورية الصومال الفيدرالية في مواجهة ما أسمته بـ”انتهاك لسيادتها ووحدة أراضيها”، ورفض مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال، وأيّ آثار قانونية أو سياسية أو تجارية أو عسكرية مترتبة عليها.

وشكك معلم فقي في نوايا إثيوبيا السياسية، وأنها لا تسعى للحصول على موانئ فقط من خلال اتفاقيتها مع أرض الصومال، بل السيطرة على الأراضي وضمّها إلى سيادتها.

ويمكن أن تثير التشكيلة الجديدة لقوات حفظ الأمن الأفريقية في الصومال أزمة إقليمية، ففي الوقت الذي أبدت فيه مصر رغبتها بالمشاركة في المهمة، طلبت مقديشو من القوات الإثيوبية الموجودة ضمن المهمة القديمة في الصومال مغادرة البلاد، مع نهاية تفويضها هذا العام، وفي حالة بقائها بعد نهاية العام الجاري “سيُعتبر ذلك احتلالا عسكريا، وسيتعامل معه الصومال بكل إمكانياته المتاحة”.

ووصلت التوترات بين الصومال وإثيوبيا درجة عالية من التصعيد بعد توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم أرض الصومال، غير المعترف بانفصاله رسميا، للحصول على قطعة أرض لبناء ميناء وقاعدة عسكرية جنوب البحر الأحمر، مقابل الاعتراف باستقلال أرض الصومال، وهي الخطوة التي أغضبت الصومال ومصر.

وأعلن وزير خارجية إقليم أرض الصومال أخيرا انتهاء المفاوضات مع إثيوبيا بشأن اتفاقية التعاون بينهما، وقال سيتم التوقيع على الاتفاقية الرسمية قريبا، لافتا إلى وجود مخاوف جدية لدى أرض الصومال بشأن القوات المصرية “المنتشرة” في الصومال.

وزار رئيس الصومال حسن شيخ محمود القاهرة في أغسطس الماضي، وتم التوقيع على اتفاقية تعاون عسكري مشترك مع مصر، والتي بدأت بموجبها نقل معدات عسكرية إلى مقديشو، وتعتزم نشر 5 آلاف جندي بموجب الاتفاق، إلى جانب 5 آلاف آخرين ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة، وتبدأ أول العام المقبل.

وبعد أن راجت معلومات حول وصول قوات مصرية إلى الصومال، نفى وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية علي محمد عمر، وجود قوات عسكرية حاليا، مردفا “ستتواجد قريبا، للمساعدة في تدريب القوات الصومالية وإعادة بناء الجيش”.

ويبدو أن القاهرة تريد الاستمرار في مسار المناكفة مع إثيوبيا، وهو ما كشفت عنه زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبدالعاطي إلى أسمرة، السبت، ولقائهما بالرئيس الإريتري أسياس أفورقي، حيث نقلا له رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي تناولت “سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى متابعة التطورات السياسية والأمنية في المنطقة”.

واستمع المسؤولان المصريان الرفيعان إلى “رؤية أفورقي بشأن تطورات الأوضاع في البحر الأحمر، على ضوء أهمية توفير الظروف المواتية لاستعادة الحركة الطبيعية للملاحة البحرية والتجارة الدولية عبر مضيق باب المندب، فضلا عن التطورات في القرن الأفريقي والتحديات التي تشهدها المنطقة، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار فيها”.

وترى مقديشو أن مسار المفاوضات الحالي مع إثيوبيا وترعاه تركيا، إذا لم يحقق اختراقا في الجولة القادمة، فإن الصومال سيتخذ قرارا بعدم إضاعة المزيد من الوقت.

وقال معلم فقي إن إثيوبيا ترفض التحكيم وفق قانون البحار التابع للأمم المتحدة، وتطالب بتواجد مستدام ومستمر في المياه الصومالية، مشيرا إلى أن إثيوبيا طلبت وساطات من قطر والسعودية وكينيا ودول أخرى، رغم استمرار مسار أنقرة، وهو ما يعكس غياب رؤية واضحة لدى إثيوبيا بشأن هذا الملف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى